الْإِرَادَةِ [وَالْقَصْدِ، فَكُلُّ إِنْسَانٍ حَارِثٌ هَمَّامٌ، وَهُوَ الْمُتَحَرِّكُ بِالْإِرَادَةِ] (?) وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْحِسِّ وَالشُّعُورِ، فَإِنَّ الْإِرَادَةَ مَسْبُوقَةٌ بِالشُّعُورِ بِالْمُرَادِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ إِرَادَةٌ وَلَا حُبٌّ وَلَا شَوْقٌ وَلَا اخْتِيَارٌ وَلَا طَلَبٌ إِلَّا بَعْدَ الشُّعُورِ، وَمَا هُوَ [مِنْ] جِنْسِهِ (?) ، كَالْحِسِّ وَالْعِلْمِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ وَنَحْوِ هَذِهِ الْأُمُورِ. فَهَذَا الْإِدْرَاكُ وَالشُّعُورُ هُوَ (?) مُقَدِّمَةُ الْإِرَادَةِ وَالْحُبِّ وَالطَّلَبِ.
وَالْحَيُّ مَفْطُورٌ عَلَى حُبِّ مَا يُلَائِمُهُ وَيَنْفَعُهُ (?) ، وَبِغَضِّ مَا يَكْرَهُهُ وَيَضُرُّهُ، فَإِذَا تَصَوَّرَ الشَّيْءَ الْمُلَائِمَ النَّافِعَ أَرَادَهُ وَأَحَبَّهُ (?) وَإِذَا (?) تَصَوَّرَ الشَّيْءَ الضَّارَّ أَبْغَضَهُ وَنَفَرَ عَنْهُ، لَكِنَّ ذَلِكَ التَّصَوُّرَ قَدْ يَكُونُ عِلْمًا، وَقَدْ يَكُونُ ظَنًّا وَخَرْصًا، فَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ مُرَادَهُ هُوَ النَّافِعُ، وَهُوَ الْمَصْلَحَةُ، وَهُوَ الَّذِي يُلَائِمُهُ، كَانَ عَلَى الْهُدَى وَالْحَقِّ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ (?) ، كَانَ مُتَّبِعًا لِلظَّنِّ وَمَا تَهْوَى نَفْسُهُ، فَإِذَا جَاءَهُ الْعِلْمُ وَالْبَيَانُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَصْلَحَةً، أَخَذَ يَحْتَجُّ بِالْقَدَرِ حُجَّةَ لَدَدٍ وَتَعْرِيجٍ (?) عَنِ الْحَقِّ (?) ، لَا حُجَّةَ اعْتِمَادٍ عَلَى الْحَقِّ وَالْعِلْمِ، فَلَا يَحْتَجُّ أَحَدٌ فِي بَاطِنِهِ أَوْ ظَاهِرِهِ بِالْقَدَرِ، إِلَّا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ (?) .