وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ، الَّذِي يَذْكُرُهُ مِثْلَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِمَا: لَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ الْمُصَحِّحَ لِكَوْنِ الْفَاعِلِ فَاعِلًا هُوَ كَوْنُهُ قَادِرًا، وَوَجَدْنَا كُلَّ مُصَحِّحٍ لِأَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ ثُبُوتُ ذَلِكَ الْأَمْرِ وَالْحُكْمِ مَعَ عَدَمِ الْمُصَحِّحِ لَهُ. (* أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْمُصَحِّحَ لِكَوْنِ الْقَادِرِ الْعَالِمِ كَوْنُهُ حَيًّا، اسْتَحَالَ كَوْنُهُ عَالِمًا قَادِرًا مَعَ [عَدَمِ] (?) كَوْنِهِ حَيًّا وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ *) (?) الْمُصَحِّحُ لِكَوْنِ الْمُتَلَوِّنِ مُتَلَوِّنًا (?) وَكَوْنُهُ مُتَحَرِّكًا كَوْنُهُ جَوْهَرًا، اسْتَحَالَ كَوْنُهُ مُتَلَوِّنًا وَمُتَحَرِّكًا (?) وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ.

وَكَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ فَاعِلًا فِي حَالٍ لَيْسَ هُوَ فِيهَا قَادِرًا.

قَالُوا: وَهَذَا مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمُعْتَمَدَةِ. وَهَذَا الدَّلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْلِ، وَلَكِنْ لَا يُنْفَى وُجُودُهَا قَبْلَ الْفِعْلِ (?) ، فَإِنَّ الْمُصَحِّحَ يَصِحُّ وُجُودُهُ قَبْلَ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ (?) وَبِدُونِ ذَلِكَ، كَمَا يَصِحُّ وُجُودُ الْحَيَاةِ بِدُونِ الْعِلْمِ، وَالْجَوْهَرِ بِدُونِ الْحَرَكَةِ.

وَهَذَا مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْفَلَاسِفَةِ فِي مَسْأَلَةِ (?) حُدُوثِ الْعَالَمِ، فَإِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا: الْعِلَّةُ الْقَدِيمَةُ تُحْدِثُ الدَّوْرَةَ الثَّانِيَةَ بِشَرْطِ انْقِضَاءِ الْأُولَى.

قِيلَ لَهُمْ: لَا بُدَّ عِنْدَ وُجُودِ الْمُحْدَثِ مِنَ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ، وَكَوْنِ الْفَاعِلِ قَادِرًا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015