مِنَ الْجَانِبَيْنِ، إِذْ كُلٌّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ قَدْ قَالَ بِهِ طَوَائِفُ مِنْ [أَهْلِ] (?) السُّنَّةِ، وَالشِّيعَةِ، فَالشِّيعَةُ فِيهِمْ طَوَائِفُ تُثْبِتُ الْقَدَرَ، وَتُنْكِرُ مَسَائِلَ التَّعْدِيلِ، وَالتَّجْوِيرِ (?) ، وَالَّذِينَ يُقِرُّونَ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ فِيهِمْ طَوَائِفُ تَقُولُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّعْدِيلِ، وَالتَّجْوِيرِ (?) كَالْمُعْتَزِلَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ هُمْ أَصْلُ هَذَا الْقَوْلِ، وَأَنَّ شُيُوخَ الرَّافِضَةِ كَالْمُفِيدِ، وَالْمُوسَوِيِّ، وَالطُّوسِيِّ، وَالْكَرَاجِكِيِّ، وَغَيْرِهِمْ إِنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَإِلَّا فَالشِّيعَةُ الْقُدَمَاءُ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِهِمْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَذْهَبِ الْإِمَامَةِ، بَلْ قَدْ يُوَافِقُهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْإِمَامِيَّةِ مَنْ لَا يُوَافِقُهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْقَدَرِ (?) ، وَقَدْ تَقُولُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَدَرِ طَوَائِفُ لَا تُوَافِقُهُمْ عَلَى الْإِمَامَةِ (?) - كَانَ ذِكْرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامَةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ مَسَائِلِ النِّزَاعِ الَّتِي وَافَقُوا فِيهَا بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ كَمَسَائِلِ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَمُنْكَرٍ (?) ، وَنَكِيرٍ، وَالْحَوْضِ، وَالْمِيزَانِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَخُرُوجِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنَ النَّارِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامَةِ، بَلْ هِيَ مَسَائِلُ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَبِمَنْزِلَةِ الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ كَمَسَائِلِ الْخِلَافِ الَّتِي صَنَّفَهَا الْمُوسَوِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِ الْإِمَامِيَّةِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ إِدْخَالَ مَسَائِلِ الْقَدَرِ فِي مَسْأَلَةِ (?) الْإِمَامِيَّةِ إِمَّا جَهْلٌ، وَإِمَّا تَجَاهُلٌ.