{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ 97] فَأَوْجَبَ الْحَجَّ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ، فَلَوْ لَمْ يَسْتَطِعْ إِلَّا مَنْ حَجَّ لَمْ يَكُنِ الْحَجُّ قَدْ وَجَبَ إِلَّا عَلَى مَنْ حَجَّ، وَلَمْ يُعَاقَبْ أَحَدٌ (?) عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ. وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ 16] ، فَأَوْجَبَ التَّقْوَى بِحَسَبِ الِاسْتِطَاعَةِ، فَلَوْ كَانَ مَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ لَمْ يَسْتَطِعِ التَّقْوَى لَمْ يَكُنْ قَدْ أَوْجَبَ التَّقْوَى إِلَّا عَلَى مَنِ اتَّقَى، وَلَا يُعَاقِبُ مَنْ لَمْ يَتَّقِ (?) ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
وَهَؤُلَاءِ إِنَّمَا قَالُوا هَذَا لِأَنَّ الْقَدَرِيَّةَ وَالْمُعْتَزِلَةَ (?) وَالشِّيعَةَ وَغَيْرَهُمْ قَالُوا: الْقُدْرَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا قَبْلَ الْفِعْلِ، لِتَكُونَ صَالِحَةً لِلضِّدَّيْنِ: الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَأَمَّا حِينَ الْفِعْلِ (?) [فَلَا يَكُونُ إِلَّا الْفِعْلُ، فَزَعَمُوا أَوْ مَنْ زَعَمَ مِنْهُمْ أَنَّهُ حِينَئِذٍ] (?) لَا يَكُونُ قَادِرًا ; لِأَنَّ الْقَادِرَ لَا بُدَّ أَنْ (?) يَقْدِرَ عَلَى الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَحِينَ الْفِعْلِ لَا يَكُونُ قَادِرًا عَلَى التَّرْكِ فَلَا يَكُونُ قَادِرًا.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا حِينَ الْفِعْلِ، ثُمَّ أَئِمَّتُهُمْ قَالُوا: وَيَكُونُ أَيْضًا قَادِرًا قَبْلَ الْفِعْلِ. وَقَالَتْ (?) طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لَا يَكُونُ