لَيْسَ غَيْرَهُ، وَلَا يَقُولُونَ (لَا) هُوَ هُوَ وَلَا هُوَ غَيْرُهُ، (?) بَلْ يَمْتَنِعُونَ عَنْ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ (?) الْمُجْمَلِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّلْبِيسِ، فَإِنَّ الْجَهْمِيَّةَ يَقُولُونَ: مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَكَلَامُهُ غَيْرُهُ فَيَكُونُ مَخْلُوقًا، فَقَالَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ: إِذَا أُرِيدَ بِالْغَيْرِ وَالسِّوَى مَا هُوَ مُبَايِنٌ لَهُ، فَلَا يَدْخُلُ عِلْمُهُ وَكَلَامُهُ فِي لَفْظِ الْغَيْرِ وَالسِّوَى، كَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» ". وَقَدْ ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ جَوَازُ الْحَلِفِ بِصِفَاتِهِ كَعِزَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ، (?) فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْغَيْرِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَإِذَا أُرِيدَ بِالْغَيْرِ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِيَّاهُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ هُوَ الْعَالِمَ. وَالْكَلَامَ لَيْسَ هُوَ الْمُتَكَلِّمَ.

وَكَذَلِكَ لَفْظُ (الِافْتِقَارِ يُرَادُ بِهِ) افْتِقَارُ الْمَفْعُولِ إِلَى فَاعِلِهِ (?) وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيُرَادُ بِهِ التَّلَازُمُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُوجَدُ أَحَدُهُمَا إِلَّا مَعَ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مُؤَثِّرًا فِي الْآخَرِ، كَالْأُمُورِ الْمُتَضَايِفَةِ: مِثْلِ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ.

وَالْمُرَكَّبُ قَدْ عُرِفَ مَا فِيهِ مِنَ الِاشْتِرَاكِ، فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: لَوْ كَانَ عَالِمًا لَكَانَ مُرَكَّبًا مِنْ ذَاتٍ وَعِلْمٍ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ هَذَيْنِ كَانَا مُفْتَرِقَيْنِ فَاجْتَمَعَا، وَلَا أَنَّهُ يَجُوزُ مُفَارَقَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ، (?) بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَالِمًا فَهُنَاكَ ذَاتٌ وَعِلْمٌ قَائِمٌ بِهَا.

وَقَوْلُهُ: " وَالْمُرَكَّبُ مُفْتَقِرٌ إِلَى أَجْزَائِهِ " فَمَعْلُومٌ أَنَّ افْتِقَارَ الْمَجْمُوعِ إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015