عليه بعضهم.

والمراد في الإغراق نفس المعنى المطابقي لا لازمه، وإرادة نفس المعنى في الإغراق يلزمها كذب اللفظ، وإرادة لازمه في الكناية تكون معها القضية صادقة، فظهر الصدق في أحد القصدين والكذب في الآخر.

والحامل عند البيانيين على الإغراق والغلو هو ألا يظن أحد أن الوصف المبالغ فيه غير متناه في الشدة أو الضعف، إلا أن العبارة في الإغراق والغلو كاذبة في نفس الأمر لما قدمنا من أن الإغراق في المستحيل عادة، والغلو في المستحيل عادة وعقلاً، وكلاهما كذبٌ يُنزَّه الكتاب والسنة عن مثله.

ومن ذلك تجاهل العارف، فإنه من البديع المعنوي عند علماء البلاغة؛ لأنه إما لمبالغة في المدح بالكذب، كقوله:

ألَمْعُ برقٍ سرَى أم ضوءُ مصباحِ ... أم ابتسامتُها بالمنظر الضاحي

وقول نابغة ذبيان:

ألمحةٌ من سنا برق رأى بصري ... أمن وجْهُ نُعمٍ بَدا لي أم سنا نارِ

وقول الآخر:

أهذه جنَّةُ الفرْدَوسِ أمْ إرم ... أم حضرةٌ حفَّها العلياءُ والكرم

وإما لإظهار التوَلُّه والتحيّر من الحبِّ كقوله:

بالله يا ظبيات القاع قُلْنَ لنَا ... ليلايَ منكنَّ أمْ لَيْلى مِن البَشَرِ

وإما لمبالغة في الذَّمِّ بالكذب كقول زهير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015