وقال عليه السلام: "لأن يجلس أحدكم على جمر فيحرق ثيابه فيخلص إلى جلده: خير له من أن يجلس على قبر" أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.
قوله: (ويجب منع الصوفية الذين يدعون الوجد والمحبة: عن رفع الصوت وتمزيق الثياب عند سماع الغناء لأن ذلك) أي رفع الصوت وتمزيق الثياب (حرام عند سماع القرآن، فكيف عند الغناء الذي هو حرام) خصوصاً في هذا الزمان الذي اشتهر فيه الفسق، وظهرت فيه أنواع البدع، واشتهرت فيه طائفة تحلوا بحلية العلماء، وتزيوا بزي الصلحاء، والحال أن قلوبهم مليء من الشهوات والأهواء الفاسدة، وهم في الحقيقة ذياب نعوذ بالله من شرهم.
فالعجب منهم نهم يدعون محبة الله، ويخالفون سنة رسوله، لأنهم يصفقون بأيديهم، ويطربون وينعرون ويصعقون، وكل ذلك جهل منهم، فمن ادعى محبة الله وخالف سنة رسوله: فهو كذاب.
وكتاب الله يكذبه، فلا شك في أنهم لا يعرفون ما الله ولا يدرون ما محبة الله، وهم قد يصورون في أنفسهم الخبيثة صورة معشقة وخيالاً فاسداً، فيظهرون بذلك وجداً عظيماً، وبكاءً جسيماً، وحركات مختلفة، وبعبعة عظيمة، والأزباد تنزل من أفواههم، حتى أن الجهال والحمقى من العامة يعتقدونهم ويلازمونهم، وينسبون أنفسهم إليهم، ويتركون شريعة الله وسنة رسوله.
فما هم إلا في الدعاوى الفاسدة، والأقوال الكاسدة، أعاذنا الله وإياكم من شر هؤلاء الطائفة، ومن شر الجنة والناس.
قوله: (اعلم أيها الأخ العزيز) أقول: لما ختم المصنف الكتاب الذي وعده لبعض إخوانه في الدين، نبه على نصيحة عظيمة بقوله: (وفقك الله وإيانا .. إلى آخره) وتوفيق الله لعباده: أن يجعل جميع أقوالهم وأفعالهم موافقة لمحبته ورضاه، ويهديهم إلى صراط مستقيم، ويرشدهم إلى منهج قويم.
ومفعول "اعلم": قوله: "إن سعادة الدنيا فانية) وكلمة "إن" باسمها وخبرها قد