قوله: (هذا مختصر في علم الفقه جمعته لبعض إخواني في الدين بقدر ما وسعه وقته).

أقول: أي هذا الكتاب الذي صنفته كتاب مختصر، هذا التقدير إذا كانت الخطبة بعد الفراغ من التصنيف، وإن كانت في أول الشروع: تكون الإشارة حينئذ إلى ما في خاطره؛ لأنه تصور في خاطره أن يصنف كتابا صفته كذا وكذا، مثل قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا}.

فإنه عليه السلام أشار إلى الكعبة قبل بنائها، لأنه تصورها في قلبه ما من شأنها يكون كذا وكذا.

وقوله: (في علم الفقه) أي في بعض علم الفقه، وإنما قدرنا هكذا: لأن هذا المختصر مقتصر على عشرة كتب ليس إلا.

والفقه في اللغة: الفهم، كما في قوله تعالى: {يفقهوا قولي} أي يفهموا، وفي اصطلاح الفقهاء: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، وعن أبي حنيفة: أنه معرفة النفس ما لها وما عليها.

وقيد بقوله: (لبعض إخواني) لأنه لا يمكن أن يكون هذا المختصر لجميع إخوانه، لأن المؤمنين شرقا وغربا كلهم إخوانه في الدين، لقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} وإنما قيد بقوله: (في الدين) احترازا عما إذا كان له أخ في النسب، ولا يكون أخا له في الدين، مثل ما إذا كان كافرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015