عاد للحال المعهودة أخبر عن الماضى، وأما هنا فهو على حالته. وحاصل جوابه - صلى الله عليه وسلم - كيفيتان: إحداهما: وهي أشده عليه أن يأتيه الملك في صورته؛ لاشتمالها على ما يخالف طبع البشرية؛ فيحصل له من الشدة والمشقة وغشيان الكرب لثقل ما يلقى إليه أمر عظيم قال تعالى: / 5 / {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5]، وثانيهما: وهي أيسر من الأولى أن يأتيه الملك في صورة بَشَرِ يأنس به، ويكلمه على المعتاد، ووجه الاقتصار عليهما: أن سنة الله تعالى لمَّا جرت أنه لا بد من مناسبة بين القائل والسامع حتى يقع التعليم والتعلم فتلك المناسبة إما باتصاف السامع بوصف القائل بغلبة الروحانية عليه، وهو النوع الأول، أو باتصاف القائل بوصف السامع، وهو النوع الثاني.
والكلام في الوحي من جبريل في اليقظة، وإلا فمنه الرؤيا الصادقة، وسماع الكلام القديم كسماع موسى وسماع نبينا عليهما السلام كلامه تعالى منه ووحي تلقِ بالقلب.
والوحي من إسرافيل أول البعثة ثلاث سنين، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة (?)، ثم وحي جبريل، وكان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة رجلٍ (?)، وفي صورة دحية (?)، وفي صورته التي خُلق عليها