وأجيب: بأنها عجزت نفسها ففسخ مواليها كتابتها، واستشكل الحديث أيضًا بأنه كيف ساغ للبائعين اشتراط الولاء لهم مع أنه مفسد؛ لمخالفته خبر: "إنما الولاء لمن أعتق" وبأنه كيف ساغ لعائشة أن تخدع البائعين بشرطها لهم ما لا يصح، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - كيف أذن لها في ذلك مع أنه غير جائز؟ وأجيب: بأن [(لهم) بمعنى: عليهم، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وقوله {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} وبأنه إنما شرط الولاء] (?) زجرًا وتوبيخًا؛ لمخالفتهم له في إخباره لهم قبل بأن الولاء لمن أعتق غاية ما فيه إخراج الأمر عن ظاهره، وقد ورد كذلك، كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]، وبأن ذلك خاص بقضية عائشة لمصلحة قطع عادتهم، كما خصَّ فسخ الحج إلى العمرة بالصحابة لمصلحة بيان جوازها في أشهره. قال النووي: وهذا أقوى الأجوبة (?).
(ما بال) أي: ما حال. (في كتاب الله) أي: حكمه الذي كتبه على عباده. (إنما الولاء لمن أعتق) أي: لا لغيره، كالحليف. قال الكرماني: وفيه، أي: مع ما قبله: جواز السجع إذا لم يتكلفه، وإنما نهى عن سجع الكهان؛ لما فيه من التكلف (?).
2169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا، فَقَال أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ".
[انظر: 2156 - مسلم: 1504 - فتح: 4/ 376]
(جارية) أي: بريرة.