لِحَاصِرٍ إنْ كَفَرَ.
وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا: تَرَدُّدٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (لَحَاصِرٍ) طَلَبَهُ لِأَجْلِ تَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ (إنْ كَفَرَ) أَيْ: كَانَ الْحَاصِرُ كَافِرًا كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا؛ لِأَنَّهُ ذِلَّةٌ وَوَهْنٌ لِلْإِسْلَامِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازَ دَفْعِهِ لَهُ قَائِلًا وَهْنُ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ وَهْنِ إعْطَائِهِ الْحَطّ لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَحْثُهُ. عج بَلْ الظَّاهِرُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ضَرَرٌ إنْ قَدَّمَ أَخَفَّهُمَا وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ إذْ أَخَفُّهُمَا هُنَا الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ فَالرُّجُوعُ لَا يُوهِنُ الدِّينَ وَدَفْعُ الْمَالِ رِضًا بِالذُّلِّ وَتَقْوِيَةٌ لِلْكَافِرِ وَتَسْلِيطٌ لَهُ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ «رَجَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَدْفَعْ مَالًا» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ امْتِنَاعِ دَفْعِ مَالٍ لِحَاصِرٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنْ قَلَّ الْمَالُ وَلَا يَنْكُثُ وَجَبَ وَإِلَّا جَازَ.
(وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ) لِلْحَاصِرِ غَيْرِ الْبَادِي (مُطْلَقًا) كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْحَرَمِ وَلَوْ أَهْلَ مَكَّةَ إذَا بَغَوْا عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُمْ إلَّا بِقِتَالِهِمْ. ابْنُ فَرْحُونٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحِفْظُ حَقِّهِ فِي حَرَمِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُضَاعَ وَمَنَعَهُ، وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ قِتَالُ الْحَاصِرِ الْبَادِيَ بِهِ جِهَادٌ وَلَوْ مُسْلِمًا وَفِي قِتَالِهِ غَيْرَ بَادٍ نَقْلَا سَنَدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّةَ. وَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ لِحَدِيثِ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ الصَّوَابُ جَوَازُ قِتَالِ الْحَاصِرِ وَأَظُنُّنِي رَأَيْته لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا نَصًّا، وَقَدْ قَاتَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْحَجَّاجَ، وَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عُقْبَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْحَجَّاجَ وَعُقْبَةَ بَدَآ بِهِ وَكَانُوا يَطْلُبُونَ النَّفْسَ، وَنَقْلُهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا أَعْرِفُهُ إلَّا قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ إنْ ثَارَ أَحَدٌ فِيهَا وَاعْتَدَى عَلَى اللَّهِ قُوتِلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة: 191] .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أُلْجِئَ الْمُحْرِمُ لِتَقْلِيدِ السَّيْفِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَحَمَلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْقِتَالِ بِمَكَّةَ عَلَى الْقِتَالِ بِمَا يَعُمُّ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحُ الْحَالِ بِدُونِهِ، وَإِلَّا جَازَ. وَفِي الْإِكْمَالِ وَخَبَرُ «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ السِّلَاحَ بِمَكَّةَ» مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى حَمْلِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا حَاجَةٍ وَإِلَّا جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ