وَخُرُوجِ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ وَسِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQصَيْرُورَةُ قَلْبِ الطَّائِفِ جِهَةَ الْبَيْتِ فَيَسْتَحْضِرُ عَظَمَتَهُ. وَلِأَنَّ بَابَ الْبَيْتِ هُوَ وَجْهُهُ فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَقَلْبِهِ فَلَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ لَأَعْرَضَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَلَا يَلِيقُ بِالْأَدَبِ الْإِعْرَاضُ عَنْ وُجُوهِ الْأَمَاثِلِ، فَلَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ قُبَالَةَ وَجْهِهِ أَوْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ لَمْ يُجْزِهِ.
(وَ) بِ (خُرُوجِ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ بِنَاءٌ لَطِيفٌ مُلْصَقٌ بِجِدَارِ الْكَعْبَةِ مُرْتَفِعٌ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، نَقَصَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ عَرْضِ الْكَعْبَةِ لِضِيقِ الْمَالِ الْحَلَالِ فَهُوَ مِنْ الْبَيْتِ وَشَرْطُ صِحَّةِ الطَّوَافِ خُرُوجُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَنْهُ.
وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا ذَكَرَهُ عَلَى كَلَامِ سَنَدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُمَا كَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ جُزَيٍّ وَابْنِ جَمَاعَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَابْنِ رَاشِدٍ وَسَلَّمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
الْحَطّ وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ كَوْنَ الشَّاذَرْوَانِ مِنْ الْبَيْتِ مِنْهُمْ ابْنُ رُشْدٍ بِالتَّصْغِيرِ فِي رِحْلَتِهِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ. وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ كَثُرَ الِاضْطِرَابُ فِي الشَّاذَرْوَانِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ بِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ فَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فِي طَوَافِهِ ابْتِدَاءً، فَإِنْ طَافَ وَبَعْضُ بَدَنِهِ فِي هَوَائِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَ بِالرُّجُوعِ لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) خُرُوجُ كُلِّ الْيَدَيْنِ عَنْ (سِتَّةِ أَذْرُعٍ) بِإِثْبَاتِ التَّاءِ وَحَذْفِهَا؛ لِأَنَّ ذِرَاعَ الْيَدِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (مِنْ الْحِجْرِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ سُمِّيَ حِجْرًا لِاسْتِدَارَتِهِ كَحِجْرِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ بِنَاءٌ قَصِيرٌ يَصِلُ إلَى صَدْرِ الْإِنْسَانِ عَلَى صُورَةِ نِصْفِ دَائِرَةٍ مُقَابِلٌ لِلرُّكْنَيْنِ الْوَالِيَيْنِ لَبَابِ الْكَعْبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ، جَعَلَهُ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَرِيشًا مِنْ أَرَاكٍ تَقْتَحِمُهُ الْغَنَمُ، وَكَانَ زَرِيبَةً لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا أَدْخَلَتْ فِيهِ أَذْرُعًا مِنْ الْكَعْبَةِ لِضِيقِ الْمَالِ الْحَلَالِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْدِيدِ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ اللَّخْمِيُّ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا لَا يَعْتَدُّ بِمَا طَافَ دَاخِلَ الْحِجْرِ