بَابٌ) الِاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ الِاعْتِكَافُ]
بَابٌ) فِي الِاعْتِكَافِ
(الِاعْتِكَافُ) أَيْ: لُزُومُ شَخْصٍ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ مَسْجِدًا مُبَاحًا بِصَوْمِ لَيْلَةٍ وَيَوْمًا لِعِبَادَةٍ قَاصِرَةٍ بِنِيَّةٍ كَافًّا عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ إلَّا وَقْتَ خُرُوجِهِ لِحَاجَتِهِ الْمَمْنُوعَةِ فِيهِ، وَخَبَرُ الِاعْتِكَافِ (نَافِلَةٌ) أَيْ: مُؤَكَّدٌ، نَدَبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَاضِي هُوَ قُرْبَةٌ الشَّيْخُ نَفْلٌ الْكَافِي فِي رَمَضَانَ سُنَّةٌ، وَفِي غَيْرِهِ جَائِزٌ لِعَارِضَةِ سُنَّةٍ لَا يُقَالُ فِيهَا مُبَاحٌ. وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِهِمْ جَائِزٌ جَهْلٌ الْآبِي يُرِيدُ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ السُّنَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ وَأَظْهَرَ، فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ» ، وَلَفْظُ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ؛ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمْ يُوَاظِبْ السَّلَفُ عَلَى تَرْكِهِ.
رَوَى «ابْنُ نَافِعٍ مَا رَأَيْت صَحَابِيًّا اعْتَكَفَ وَقَدْ اعْتَكَفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قُبِضَ» وَهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ اتِّبَاعًا، فَلَمْ أَزَلْ أُفَكِّرُ حَتَّى أَخَذَ بِنَفْسِي أَنَّهُ لِشِدَّتِهِ، نَهَارُهُ وَلَيْلُهُ سَوَاءٌ كَالْوِصَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَعَ وِصَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ كَرَاهَتَهُ اهـ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ.