وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ، أَوْ ذُبَابٍ أَوْ غُبَارِ طَرِيقٍ، أَوْ كَيْلٍ، أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ التَّحَلُّلِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُصَنِّفَ دَرَجَ عَلَى مَذْهَبِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُتَحَلِّلَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْفَرْضِ وَلِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْأُصُولِ. وَلِذَا لَمَّا ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ قَالَ: خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا قَاعِدَتَهُ أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَأَوْرَدَ عَلَى طَرْدِهَا أَيْضًا الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ لِوَجْهٍ، كَأَمْرِ وَالِدٍ أَوْ شَيْخٍ فَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَلَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَأَجَابَ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ فِي رَمَضَانَ لَيْسَ هُوَ الْوَجْهُ فِي النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ مُبِيحٌ فِي النَّفْلِ وَلَيْسَ مُبِيحًا فِي رَمَضَانَ، وَغَيْرُ مُنْعَكِسَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ وَأَفْطَرَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ يَقْضِي النَّفَلَ وَلَا يُكَفِّرُ فِي الْفَرْضِ وَلِأَنَّ مَسَائِلَ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ كَذَلِكَ وَلِأَنَّ مَنْ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ الْفَمِ وَمَنْ أَمْذَى كَذَلِكَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَسَائِلِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ فِيهَا لِانْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ بِهِ وَقَضَاؤُهُ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ.
(وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ) مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً أَيْ: خَرَجَ غَلَبَةً وَلَوْ كَثُرَ إنْ لَمْ يَزْدَرِدْ شَيْئًا مِنْهُ (أَوْ) دُخُولِ (ذُبَابٍ) أَوْ بَعُوضٍ حَلْقَهُ غَلَبَةً؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ وَالذُّبَابُ يَطِيرُ فَيَسْبِقُ لِحَلْقِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ فَأَشْبَهَ رِيقَ فَمِهِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَيُفْهَمُ أَنَّ الْبَعُوضَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ كَالذُّبَابِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ طَيَرَانُهُ فِي مَحَلٍّ حَتَّى يَغْلِبَ دُخُولُهُ فَيَكُونَ مِثْلَهُ وَبِالْبَعُوضِ جَزَمَ فِي الْجَلَّابِ (أَوْ) غَالِبِ (غُبَارِ طَرِيقٍ) لِحَلْقِهِ فَلَا قَضَاءَ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ، وَأَمَّا دُخُولُ غُبَارِ غَيْرِ الطَّرِيقِ لِحَلْقِهِ غَلَبَةً فَفِيهِ الْقَضَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِذَا كَثُرَ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَأَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ بِوَضْعِ شَيْءٍ عَلَى الْأَنْفِ وَالْفَمِ فَهَلْ مُلْزِمٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ (أَوْ) غُبَارِ (دَقِيقٍ أَوْ كَيْلٍ) لِحَبٍّ وَنَحْوِهِ.
(أَوْ) غُبَارِ (جِبْسٍ لِصَانِعِهِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الدَّقِيقِ وَمَا بَعْدَهُ وَدَخَلَ فِي صَانِعِ الْجِبْسِ يَكِيلُهُ أَوْ يَطْحَنُهُ أَوْ يَرْفَعُهُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ، وَكَذَا مَنْ يُمْسِكُ طَرَفَ مَا يُوضَعُ فِيهِ