فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَحَالِ حُلُولِ الْإِنْسَانِ فِي رَمْسِهِ.
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ) تَنَازَعَ فِيهِ اللُّطْفُ، وَالْإِعَانَةُ فَأُعْمِلَ الثَّانِي فِي لَفْظِهِ لِقُرْبِهِ وَالْأَوَّلُ فِي ضَمِيرِهِ وَحُذِفَ؛ لِأَنَّهُ فَضْلُهُ (وَ) فِي (حَالِ حُلُولِ) أَصْلُهُ النُّزُولُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُكْثُ لِعَلَاقَةِ السَّبَبِيَّةِ لِاحْتِيَاجِ (الْإِنْسَانِ) لَهُمَا مَا دَامَ فِي قَبْرِهِ، يُحْتَمَلُ إرَادَةُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِنْسَانِ نَفْسَهُ فَأَلْ لِلْعَهْدِ وَيُحْتَمَلُ إرَادَتُهُ بِهِ كُلَّ مُؤْمِنٍ فَهِيَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهَذَا أَوْلَى لِرَجَاءِ الْإِجَابَةِ.
(فِي رَمْسِهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَإِهْمَالِ السِّينِ: أَصْلُهُ الطَّرْحُ وَالرَّمْيُ نُقِلَ لِلْمَرْمُوسِ لِعَلَاقَةِ الِاشْتِقَاقِ وَنُقِلَ مِنْهُ لِلْمَرْمُوسِ فِيهِ وَهُوَ الْقَبْرُ لِعَلَاقَةِ الْحَالِيَّةِ فَفِيهِ مَجَازٌ عَلَى مَجَازٍ وَذَكَرَ هَذِهِ الْحَالَةَ مَعَ دُخُولِهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ لِشِدَّةِ احْتِيَاجِ الْإِنْسَانِ فِيهَا لِلُّطْفِ، وَالْإِعَانَةِ فَإِنَّهَا الْمَنْزِلَةُ الْأُولَى مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَالرِّحْلَةُ الْأُولَى صَعْبَةٌ عَلَى الْمُسَافِرِ فِي الدُّنْيَا فَكَيْفَ فِي الْآخِرَةِ. وَلَمَّا كَانَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ عِبَادِهِ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَيْهِمْ وَلَا سِيَّمَا الْإِسْلَامُ وَشَرِيعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأَكَّدَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَنَعَ مَعَكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تُكَافِئُوهُ فَادْعُوا لَهُ» فَلِذَا قَالَ.
(وَالصَّلَاةُ) أَيْ الرَّحْمَةُ الْمَقْرُونَةُ بِالتَّعْظِيمِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلِذَا لَا يُدْعَى بِهَا لِغَيْرِ مَعْصُومٍ أَيْ يُكْرَهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَقِيلَ: خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالدُّعَاءُ بِاسْتِغْفَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفَسَّرَهَا ابْنُ هِشَامٍ بِالْعَطْفِ مُطْلَقًا وَفَسَّرَ عَطْفَ اللَّهِ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ وَعَطْفَ غَيْرِهِ بِدُعَائِهِ فَهِيَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ عَلَى هَذَا كَإِنْسَانٍ وَاللَّفْظِيِّ عَلَى الْأَوَّلِ كَعَيْنٍ.
(وَالسَّلَامُ) أَيْ التَّحِيَّةُ وَالتَّأْمِينُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى مُحَمَّدٍ) أَصْلُهُ اسْمُ مَفْعُولِ " حَمَّدَ " بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدَ الْمِيمِ لِلتَّكْثِيرِ أَيْ الْمَحْمُودِ كَثِيرًا، أَوْ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ الْمُوَفَّقِ لِلْحَمْدِ سَمَّى بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ابْنَ ابْنِهِ تَفَاؤُلًا بِذَلِكَ لَهُ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى رَجَاءَهُ وَجَعَلَهُ أَعْظَمَ الْحَامِدِينَ، وَالْمَحْمُودِينَ فَهُوَ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولٍ.