. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِمَّا حَضَرَ هُوَ قَيْدٌ فِيمَا هُوَ فِي التَّرِكَةِ، فَأَنْتَ تَرَى ابْنَ الْحَاجِبِ فَرَضَهَا فِي التَّرِكَةِ الْغَائِبِ بَعْضُهَا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ لَهُ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا غَيْرُهُ، وَكَيْفَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَحَكَى الْبَاجِيَّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ قَالَهُ الشَّارِحُ، فَكَيْفَ يَجْعَلُهُ تت مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَنَافِعِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى الْعَيْنِ الْكَائِنَةِ فِي التَّرِكَةِ الَّتِي حَضَرَ جَمِيعُهَا، قَالَ: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَشْهُورَ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَنَافِعِ قَالَ: أَمَّا إذَا أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَشَبَهِهِ، وَلَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي مِلْكِهِ أَعْطَى جَمِيعَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ مَلَكَهُ وَمِنْ التَّرِكَةِ أَخَذَ مَحْمَلَ الثُّلُثِ فِيهِ اهـ.
وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ مِنْ الْمُعَيَّنِ إذَا كَانَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَاضِرًا، فَفِيهَا عَقِبَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهَا إثْرَ قَوْلِهَا مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُهُ فَقَالَ مَرَّةً: إذَا أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِدَابَّةٍ بِعَيْنِهَا وَضَاقَ الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ قَطَعُوا لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ مَرَّةً بِمَبْلَغِ ثُلُثِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ اهـ. فَهَذَا الَّذِي أَرَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا قَالَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَذَكَرَ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَالْحَاصِلُ أَنَّ خَلْعَ الثُّلُثَ يَكُونُ فِي الْمَنَافِعِ، وَفِي الذَّوَاتِ الْمُوصَى بِهَا عَيْنًا كَانَتْ أَوْ عَرَضًا حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً إذَا كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ غَائِبًا، وَفِي الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا، وَلَهُ عَقَارٌ وَعُرُوضٌ كَثِيرَةٌ، وَفِي الْوَصِيَّةِ بِدَيْنٍ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبَعْضُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُ مَشْهُورٌ.
وَفِيهَا مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ لَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ، وَلَهُ عَيْنٌ حَاضِرَةٌ، فَإِمَّا أَجَازَ الْوَرَثَةُ، وَإِلَّا قَطَعُوا لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ اهـ. وَيَكُونُ فِي الْإِيصَاءِ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا الْإِيصَاءُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ وَدَارٍ، فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَدْ عَلِمْتَهُ، وَيَكُونُ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِكَسَنَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا. هَذَا تَلْخِيصُ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِيهَا لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ مِنْ شُرَّاحِهِ مَنْ حَقَّقَهَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.