. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQخِطَابَ التَّكْلِيفِ وَخِطَابَ الْوَضْعِ قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَفْتَرِقَانِ بِالِاعْتِبَارِ كَمَا قُلْنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ. نَعَمْ لَوْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ عَلَى وُجُودِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ لِمَا قُلْنَاهُ مُعَرِّضًا بِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَاضِحٌ كَالزَّكَاةِ، وَلَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ نَصًّا، بَلْ فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ.
الْبُنَانِيُّ بَحْثُ طفي فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ خِطَابِ الْوَضْعِ وَخِطَابِ التَّكْلِيفِ، وَأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فَاعْتَرَضَهُ بِنَصِّ الْقَرَافِيِّ عَلَى أَنَّهُمَا قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَبِأَنَّهُمَا قَدْ اجْتَمَعَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا خِطَابُ تَكْلِيفٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَخِطَابُ وَضْعٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا فِي وُجُوبِهَا، وَكَذَا يَجْتَمِعَانِ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفِ، هَذَا مُحَصَّلُهُ، وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُنَافِي اجْتِمَاعَهُمَا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ خِطَابِ الْوَضْعِ فِيهَا، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ جَعْلِ الشَّارِعِ الصَّوْمَ بَدَلَ الرَّقَبَةِ فِيهَا أَنْ لَا يُعْتَبَرَ إلَّا خِطَابُ التَّكْلِيفِ، لِاشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي الصَّوْمِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ فِي كُلٍّ مِنْ تَنْظِيرِ مُصْطَفَى فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَرَدُّ الْبُنَانِيِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَرَضَ عَلَى مَنْ جَعَلَهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَمَالَ إلَى أَنَّهَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ مُسْتَدِلًّا بِجَعْلِ الشَّارِعِ الصَّوْمَ عِوَضًا عَنْ الرَّقَبَةِ فِيهِ، وَرَغْمَ أَنَّ جَعْلَهَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ يَسْتَلْزِمُ سُقُوطَهَا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَحَقُّ التَّنْظِيرِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِمَنْعِ هَذَا الِاسْتِلْزَامِ، وَسَنَدُهُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ وَعِوَضِ الْمُتْلَفِ. وَأَمَّا قَوْلُ طفي يُقَالُ فِيمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ إلَخْ، فَهَذَا يُؤَيِّدُ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ جَعَلَهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَقَوْلُ طفي نَعَمْ لَوْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَقَلَهُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ فَحَسَنٌ، وَأَمَّا وَجْهُ النَّظَرِ فِي رَدِّ الْبُنَانِيِّ