وَتُلُوِّمَ لَهُ فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَمِينِ فِي الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ، وَفِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ فِي هِبَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْكِرَاءِ وَالْإِقَالَةِ وَهُوَ أَصْلٌ مُتَنَازَعٌ فِيهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَرَ أَشْهَبُ يَمِينًا فِي دَعْوَى الْعَفْوِ، وَاخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي التَّنَازُعِ فِيهِ فَقِيلَ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ، وَقِيلَ اخْتِلَافُ حَالٍ، فَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَتَلْزَمُ مَعَ وُجُودِ التُّهْمَةِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْحَلِفَ فِي الدَّمِ إنَّمَا هُوَ خَمْسُونَ يَمِينًا فَهَذَا أَرَادَ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ قَسَامَةً أَوْ مَعَ الْقَسَامَةِ قَسَامَةً أُخْرَى، وَلَوْ رَضِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى لَوْ اسْتَحْلَفَهُ فَلَمَّا قَامَ لِيَقْتُلَهُ قَالَ عَفَا عَنِّي. قُلْت هَذَا يَرُدُّ تَعْلِيلَ قَوْلِهِ بِعَدَمِ تَوَجُّهِ يَمِينٍ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمَعْرُوفِ.
الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِمْ كُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، وَلَمْ يُنَبِّهْ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ. ابْنُ عَاشِرٍ وَالْمِسْنَاوِيُّ قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ يَرُدُّ قَوْلَهُمْ أَنَّ الْعَفْوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ هُنَا بِالنُّكُولِ وَالْيَمِينِ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ اخْتَلَفَ إذَا قَامَ لِلْقَاتِلِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِالْعَفْوِ فَفِي الشَّهَادَاتِ مِنْ مُخْتَصَرِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَنَحْوُهُ لِأَبِي عِمْرَانَ. وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْقَرَوِيِّينَ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَاحْتَجَّ بِمَسْأَلَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ادِّعَاءِ الْقَاتِلِ الْعَفْوَ. قُلْت كُلُّ هَذَا قُصُورٌ مِنْ قَوْلِ عِيَاضٍ يَقُومُ مِنْهُ إلْزَامُ الْيَمِينِ فِي الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ، وَهُوَ أَصْلٌ مُتَنَازَعٌ فِيهِ إلَخْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(وَ) إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ عَفْوَ الْوَلِيِّ عَنْهُ وَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ وَطُلِبَتْ مِنْ الْقَاتِلِ بَيِّنَةٌ بِهِ بِالْعَفْوِ فَادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِهِ غَائِبَةً (تَلَوَّمَ) الْإِمَامُ (لَهُ) أَيْ الْقَاتِلِ وَأَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ (فِي دَعْوَى) الْقَاتِلِ بَيِّنَةً غَائِبَةً شَاهِدَةً لَهُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ لِإِحْضَارِ (بَيِّنَتِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ (الْغَائِبَةِ) الشَّاهِدَةِ لَهُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ وَعِيَاضٌ، وَقَيَّدَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِالْقَرِيبَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَالْقُرْبُ كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِفْرِيقِيَّةَ وَالْبُعْدُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ بَيِّنَةً غَائِبَةً تَلَوَّمَ لَهُ فِيهَا