وَبِشَاهِدَيْنِ عَلَى شَاهِدٍ، وَيَمِينٍ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ مَزِيدِ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخَصْمَيْنِ يُمْكِنُهُ زِيَادَةُ الْعَدَدِ فِي الشُّهُودِ، وَلَا يُمْكِنُهُ مَزِيدُ الْعَدَالَةِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ إنَّمَا هِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِقَيْدِ الْعَدَالَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ بِهَذَا الْقَيْدِ سَهْلَةٌ، وَتَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ الْوَصْفَ مَتَى كَانَ أَدْخَلَ تَحْتَ الِانْضِبَاطِ وَأَبْعَدَ عَنْ النَّقْضِ وَالْعَكْسِ كَانَ أَرْجَحَ، وَزِيَادَةُ الْعَدَدِ مُنْضَبِطٌ مَحْسُوسٌ لَا يَتَخَلَّفُ، وَالْعَدَالَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ قُيُودٍ فَضَبْطُ زِيَادَتِهَا مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ فِي التَّرْجِيحِ.
قُلْت رَدَّهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ بِهَذَا الْقَيْدِ سَهْلَةٌ، يَرُدُّ بِأَنَّ الْقَرَافِيَّ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِأَنَّهَا سَهْلَةٌ، بَلْ بِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ غَيْرُ مُمْتَنِعَةٍ، وَكَوْنُهَا لَيْسَتْ سَهْلَةً لَا يَمْنَعُ إمْكَانَهَا عَادَةً، وَقَوْلُهُ ضَبْطُ زِيَادَةِ الْعَدَالَةِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ يُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، فَإِنَّا نَعْلَمُ ضَرُورَةً فِي شُهُودِ شُيُوخِنَا وَأَمْثَالِنَا مَنْ هُوَ أَعْدَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُمْ، وَوَجَّهَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا قَيَّدَ شَهَادَةَ الزِّنَا بِأَرْبَعَةٍ وَالطَّلَاقَ بِاثْنَيْنِ وَقِبَلَ فِي الْمَالِ الْوَاحِدَ مَعَ الْيَمِينِ دَلَّ عَلَى أَنْ لَا أَثَرَ لِلْعَدَدِ. قُلْتُ الْأَظْهَرُ فِي التَّرْجِيحِ بِالْأَعْدَلِيَّةِ دُونَ الْكَثْرَةِ أَنَّ مَا بِهِ التَّرْجِيحُ فِي الْأَعْدَلِيَّةِ هُوَ وَصْفٌ حَاصِلٌ فِيمَا وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ، وَهُمَا الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ يَجِبُ الْإِعْذَارُ فِيهِمَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالْكَثْرَةُ وَصْفٌ خَارِجٌ عَمَّا وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ. (وَ) رُجِّحَ (بِشَاهِدَيْنِ) لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ (عَلَى شَاهِدٍ) لِلْآخَرِ مُعَارِضٍ لَهُمَا وَلَوْ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ (وَيَمِينٍ) مِنْهُ مَعَ شَاهِدِهِ (أَوْ) عَلَى (شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِلْآخَرِ مُعَارِضَيْنِ لِلشَّاهِدَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] فَجَعَلَ مَرْتَبَتَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ الَّذِي مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ أَعْدَلَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ وَالْأَقْدَمُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ هُوَ وَالْمَرْأَتَانِ، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَافَقَهُ عَلَيْهِ أَشْهَبُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ فَرْحُونٍ، يُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْعَدَالَةِ قَالَهُ أَشْهَبُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقَدَّمَانِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ أَوَّلًا بِتَقْدِيمِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى عَدَمِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْأَظْهَرُ التَّرْجِيحُ وَيُقَدَّمُ شَاهِدٌ