وَنَتَاجٍ إلَّا بِمِلْكٍ مِنْ الْمَقَاسِمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ النَّسْجِ، وَيُقْضَى لِمَنْ شُهِدَ لَهُ بِالنَّسْجِ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَنْسِجْهَا مَجَّانًا. الْمَازِرِيُّ هَذَا إذَا كَانَ النَّاسِجُ يَنْسِجُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ انْتَصَبَ لِلنَّاسِ فَلَا تَنْفَعُهُ الشَّهَادَةُ بِالنَّسْجِ. اهـ. وَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ قَائِلًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَنْ يَنْسِجُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ انْتَصَبَ لِنَسْجِ النَّاسِ بِأَجْرٍ أَوْ لِلْبَيْعِ فَالْبَيِّنَةُ لَهُ بِالنَّسْجِ لَغْوٌ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالنَّسْجِ فَقَطْ وَلَمْ تَزِدْ لِنَفْسِهِ، وَكَلَامُهُمْ هَذَا يَدُلُّ لِقَوْلِنَا. الرَّاجِحُ أَنَّ ذَا السَّبَبِ شَهِدَ بِهِ فَقَطْ. (وَ) كَ (نَتَاجٍ) أَيْ وِلَادَةٍ لِحَيَوَانٍ مُتَنَازَعٍ فِيهِ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ وُلِدَ عِنْدَهُ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ الْآخَرِ، وَلَمْ تَزِدْ عَلَى هَذَا فَتُرَجَّحُ الْأُولَى وَيُقْضَى بِهَا وَتُلْغَى الثَّانِيَةُ (إلَّا) شَهَادَةَ الثَّانِيَةِ (بِمِلْكٍ) لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ (مِنْ الْمَقَاسِمِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَيْ الْغَنَائِمِ بِأَخْذِهَا فِي سَهْمِهِ أَوْ شِرَائِهِمَا مِمَّنْ أَخَذَهَا فِي سَهْمِهِ أَوْ مِنْ الْإِمَامِ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهَا وَتُلْغَى الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَاقِلَةٌ، وَالْأُولَى مُسْتَصْحِبَةٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَغَارَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ ثُمَّ غَنِمَ مِنْهُ، لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَوْ أَنَّ أَمَةً تَنَازَعَ فِيهَا اثْنَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، فَأَتَى أَحَدُهُمَا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى سُرِقَتْ فَتُرَجَّحُ الْأُولَى بِبَيَانِهَا سَبَبَ الْمِلْكِ، وَيُقْضَى لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ لِبَيِّنَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ فَصَاحِبُ الْمَقَاسِمِ أَحَقُّ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ صَاحِبُ الْوِلَادَةِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ. وَفِيهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي دَابَّةٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ فَهِيَ لِمَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ، بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا تُغْصَبُ وَتُسْرَقُ وَلَا تُحَازُ عَلَى النَّاتِجِ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ وَأَمْرُ الْمَغْنَمِ قَدْ اسْتُوقِنَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِحِيَازَةِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِ مَنْ نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ أَخَذَهُمَا مِنْهُ أَيْضًا، وَكَانَ أَوْلَى بِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ وَيَأْخُذَهَا، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ.