وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا: غَرِمَ نِصْفَ الْحَقِّ كَرَجُلٍ مَعَ نِسَاءٍ، وَهُوَ مَعَهُنَّ فِي الرَّضَاعِ كَاثْنَتَيْنِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ عَرَفَةَ يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ بِحَالٍ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ وَأَنَّ التَّعَرُّضَ لَهُ بِغَيْرِ الْوَاجِبِ لَا يُوجِبُ فِيهِ حُكْمًا، وَنَزَلَتْ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْقَرْنِ يَعْنِي الثَّامِنَ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَعَدَا السُّلْطَانُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَأَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ غَرِيمِهِ ثُمَّ تَمَكَّنَ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ طَلَبِ الْمَدِينِ بِدَيْنِهِ فَاحْتَجَّ الْمَدِينُ بِجَبْرِ السُّلْطَانُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ، فَأَفْتَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِبَرَاءَةِ الْمَدِينِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ.
(وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ بِحَقٍّ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا (غَرِمَ) الرَّاجِعُ (نِصْفَ الْحَقِّ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَافَقَهُ وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ وَلَعَلَّهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْكُلَّ لِكَوْنِ الرُّجُوعِ عَنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْحَقِّ، وَشَبَّهَ فِي غُرْمِ نِصْفِ الْحَقِّ فَقَالَ (كَ) رُجُوعِ (رَجُلٍ) شَهِدَ (مَعَ نِسَاءٍ) بِحَقٍّ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَعَلَيْهِنَّ النِّصْفُ إنْ رَجَعْنَ دُونَهُ وَإِنْ كَثُرْنَ لِأَنَّهُنَّ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ. سَحْنُونٌ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْحَقِّ وَحْدَهُ وَلَا تُضَمُّ الْمَرْأَةُ إلَى رَجُلٍ، وَإِنَّمَا تُضَمُّ إلَى مِثْلِهَا، وَاثْنَتَانِ مِنْهُنَّ فَأَكْثَرُ عَدْلُ رَجُلٍ
فَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَالنِّسْوَةُ كُلُّهُنَّ لَزِمَ الرَّجُلَ نِصْفُ الْحَقِّ وَالنِّسْوَةَ نِصْفُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ لَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ عَنْ شَهَادَةٍ بِحَقٍّ غَرِمَ الرَّجُلُ نِصْفَهُ وَالنِّسْوَةُ نِصْفَهُ، وَلَوْ رَجَعَ النِّسْوَةُ وَهُنَّ عَشْرٌ وَاحِدَةٌ إلَى ثَمَانِيَةٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِنَّ، فَلَوْ رَجَعَ مِنْهُنَّ تِسْعٌ فَعَلَيْهِنَّ رُبْعُ الْمَالِ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوَاءِ، قُلْت لِأَنَّ التِّسْعَ كَامْرَأَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْنِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِمَالٍ ثُمَّ رَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُهُ، وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ إلَّا وَاحِدَةٌ فَعَلَيْهَا الرُّبْعُ. (وَهُوَ) أَيْ الرَّجُلُ الشَّاهِدُ (مَعَهُنَّ) أَيْ النِّسَاءِ (فِي الرَّضَاعِ كَاثْنَتَيْنِ) نَحْوُهُ