وَلَوْ تَعَمَّدَا

وَلَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ فِي الْغُرْمِ:

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهَرَبَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَطَلَبَ الْمَقْضِيُّ لَهُ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا كَانَا يَغْرَمَانِهِ لِغَرِيمِهِ لَوْ غَرِمَ فَلَا يَلْزَمُهُمَا غُرْمٌ حَتَّى يَغْرَمَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُنَفِّذُ الْقَاضِي الْحُكْمَ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِعِينَ بِالْغُرْمِ هَرَبَ أَوْ لَمْ يَهْرُبْ، فَإِنْ غَرِمَ أَغْرَمَهُمَا، وَكَمَا لَوْ شَهِدَا بِالْحَقِّ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ رَجَعَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَغْرَمَ هُوَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ الشَّاهِدَيْنِ بِالْمَالِ حَتَّى يَدْفَعَاهُ عَنْهُ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ. الْبُنَانِيُّ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَدِيَةً فَقَطْ، إذَا الْعَمْدُ فِي الْمَالِ أَحْرَى بِالْغُرْمِ فَلَا يُبَالَغُ عَلَيْهِ، وَمَا قَبْلَهَا فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا، لَكِنْ بِالْغُرْمِ وَعَدَمِهِ، وَمَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِيهِ مِنْ الْغُرْمِ خِلَافُ قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لَكِنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ.

(وَ) لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِإِحْصَانِهِ وَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ السِّتَّةُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ اخْتَصَّ شُهُودُ الزِّنَا بِغُرْمِ الدِّيَةِ فَ (لَا يُشَارِكُهُمْ) أَيْ شُهُودَ الزِّنَا (شَاهِدَا الْإِحْصَانِ) فِي غُرْمِ الدِّيَةِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَمَنْ وَافَقَهُ يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ رَجْمِهِ مُرَكَّبٌ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَسْتَوِي السِّتَّةُ فِي الْغُرْمِ أَوْ عَلَى شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ نِصْفُهَا؟ قَوْلَانِ، وَلَوْ انْفَرَدَتْ شَهَادَةُ الزِّنَا لَمْ يُرْجَمْ، كَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ رُجِمَ بِشُهُودِ الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مَجْبُوبٌ، فَإِنَّ الْغُرْمَ يَخْتَصُّ بِشُهُودِ الزِّنَا لِعَدَمِ تَبَيُّنِ كَذِبِ شُهُودِ الْإِحْصَانِ فَهِيَ مِنْ تَمَامِ قِسْمِ تَبَيُّنِ الْكَذِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ رُجِمَ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ بِزِنَاهُ وَاثْنَيْنِ بِإِحْصَانِهِ ثُمَّ رَجَعُوا أَجْمَعُونَ فَفِي عَدَمِ غُرْمِ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ وَغُرْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا سُدُسُ الدِّيَةِ، وَبَاقِيهَا عَلَى بَيِّنَةِ الزِّنَا بِالسَّوِيَّةِ، ثَالِثُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ رُبْعُهَا وَنِصْفُهَا عَلَى بَيِّنَةِ الزِّنَا بِالسَّوِيَّةِ لِأَصْبَغَ مَعَ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُحَمَّدٍ، وَأَشَارَ الْمَازِرِيُّ إلَى أَنَّ ذَلِكَ بِنَاءٌ عَلَى حَصْرِ حُكْمِ الرَّجْمِ إلَى إضَافَتِهِ لِوَصْفِ زِنَاهُ وَلَغْوِ إحْصَانِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفُ كَمَالٍ لَهُ لَا وَصْفُ نَقْصٍ فِيهِ، أَوْ إضَافَتِهِ إلَى وَصْفَيْ إحْصَانِهِ وَزِنَاهُ مِنْ عَدَدِ مُثْبِتِهِمَا أَوْ إضَافَتِهِ إلَى الْوَصْفَيْنِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015