وَلَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ، إلَّا عَلَى عَيْنِهِ، وَلْيُسَجِّلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى أَنْ يُطَوِّلَ فِيمَا يَكْتُبَ تَطْوِيلًا لَا يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ خَطًّا غَيْرَ خَطِّهِ
وَأَفْتَى شَيْخُنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اجْتَمَعْت بَعْدَ ذَلِكَ بِالشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَخَذَ مَعِي فِي إنْكَارِ مَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، فَقُلْت بِهِ احْتَجَّ بِأَنَّهُ كَالْتِزَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً يُقِيمُهَا عَلَى نَفْسِهِ لِخَصْمِهِ، فَأَنْكَرَ هَذَا وَقَالَ إنَّ الْبَيِّنَةَ لَوْ أَتَى بِهَا الْمُدَّعِي لَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَهِدْت عَلَيَّ بِالزُّورِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى فِيمَا يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ، بِخِلَافِ الَّذِي يَكْتُبُ خَطُّهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ أَفَادَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. ابْنُ فَرْحُونٍ اخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ حُلُولُو هُوَ الْحَقُّ إنْ كَانَ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ. السَّادِسُ: ابْنُ عَرَفَةَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ إلَّا مِنْ الْفَطِنِ الْعَارِفِ بِالْخُطُوطِ وَمُمَارَسَتِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَ ذَا الْخَطِّ. وَحَضَرْت يَوْمًا بَعْضَ مَنْ قَدَّمَهُ الْقَاضِي بْنُ قَدَّاحٍ لِلشَّهَادَةِ بِتُونُسَ، وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ قُلَيْدٍ، وَقَدْ نَاوَلَ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَثِيقَةً لِيَرْفَعَ عَلَى خَطِّ شَاهِدٍ فِيهَا مَاتَ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّك لَمْ تُدْرِكْ هَذَا الشَّاهِدَ الَّذِي أَرَدْت أَنْ تَشْهَدَ عَلَى خَطِّهِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الْوَثِيقَةَ وَمَنَعَهُ مِنْ الرَّفْعِ عَلَى الْخَطِّ فِيهَا وَأَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ ابْنُ قُلَيْدٍ قَالَ لِي إنَّمَا لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُ عَلَى الْخَطِّ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْخُطُوطِ، وَلَيْسَ عَدَمُ إدْرَاكِ الرَّافِعِ عَلَى الْخَطِّ كَاتِبَهُ بِمَانِعٍ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَارِفًا بِالْخُطُوطِ، فَإِنَّا نَعْرِفُ كَثِيرًا مِنْ خُطُوطِ مَنْ لَمْ نُدْرِكْهُ كَخَطِّ الشَّلُوفِينَ وَابْنِ عُصْفُورٍ وَابْنِ السَّيِّدِ وَنَحْوِهِمْ لِتَكَرُّرِ خُطُوطِهِمْ عَلَيْنَا مَعَ تَلَقِّينَا مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّهَا خُطُوطُهُمْ.
(وَلَا) يَشْهَدُ الشَّاهِدُ عَلَى (مَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي (لَا يَعْرِفُ) الشَّاهِدُ نَسَبَهُ (إلَّا عَلَى عَيْنِهِ) ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى اسْمِهِ لِاحْتِمَالِ تَسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ (وَ) إنْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى امْرَأَةٍ مَجْهُولَةِ النَّسَبِ، وَقَدْ سَمَّتْ نَفْسَهَا وَانْتَسَبَتْ لِأَبٍ سَمَّتْهُ، وَالشُّهُودُ لَا يَعْرِفُونَ اسْمَهَا وَلَا اسْمَ أَبِيهَا فَ (لْيُسَجِّلْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ