وَخَطِّ شَاهِدٍ مَاتَ، أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ، وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاحْتِيَاجِ مَعَ الِاثْنَيْنِ إلَى يَمِينٍ لِلَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمَتْنِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ ثُبُوتُهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ " ق "، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) جَازَتْ عَلَى (خَطِّ شَاهِدٍ) كَتَبَهُ فِي وَثِيقَةٍ وَ (مَاتَ) الشَّاهِدُ (أَوْ غَابَ) الشَّاهِدُ (بِبُعْدٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ مَا يَنَالُ الشَّاهِدُ فِي حُضُورِهِ مِنْهُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ مَشَقَّةٌ، وَجَرَتْ الْعَادَةُ عِنْدَنَا أَنَّ اخْتِلَافَ عَمَلِ الْقُضَاةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبُعْدِ وَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَ الْعَمَلَيْنِ قَرِيبًا، وَحَدَّهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَأَصْبَغُ بِمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْعِرَاقِ أَوْ إفْرِيقِيَةَ مِنْ مِصْرَ، فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْحَيِّ الْحَاضِرِ أَوْ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ، وَتَجُوزُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ إنْ كَانَتْ بِمَالٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِمَا) أَيْ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ. الْحَطّ هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ جَائِزَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ، وَنَصُّهُ فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ مَوْلَى ابْنِ الطَّلَّاعِ أَنَّهُ قَالَ الْأَصْلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخُطُوطِ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْحُقُوقِ وَالطَّلَاقِ وَالْأَحْبَاسِ وَغَيْرِهَا. اهـ. وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ فِي طَلَاقٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَلَا حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ عَلَى مَا فِي الْوَاضِحَةِ وَغَيْرِهَا اهـ.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَنْ قُيِّمَ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَتَى تَزَوَّجَ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَتَزَوَّجَهَا وَأَنْكَرَ الْعَقْدَ فَشَهِدَ شُهُودٌ أَنَّ الْعَقْدَ خَطُّ يَدِهِ، فَقَالَ إنْ كَانَ الْعَقْدُ الَّذِي قِيمَ بِهِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا تَضَمَّنَهُ وَعَجَزَ عَنْ الدَّفْعِ، فَاَلَّذِي أَرَاهُ وَأَتَقَلَّدُهُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي مِنْ الْأَقْوَالِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جُرْحَةً تُسْقِطُ شَهَادَتَهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ حَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا أَلْبَتَّةَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ جُرْأَةً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، إذْ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ وَقَالَ إنَّمَا تَزَوَّجَهَا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ يُسَوَّغُ لَهُ