وَزَوَالِ الْعَدَاوَةِ وَالْفِسْقِ؛ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِلَا حَدٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْإِنْسَانِ إخْفَاءُ جَرْحِهِ وَكَتْمُهُ عَنْ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ مَجْبُولٌ عَلَى تَكْمِيلِ نَفْسِهِ فَلَا يَكَادُ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْضُ النَّاسِ وَهِيَ شَهَادَةٌ يُؤَدِّيهَا مِثْلَ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ. عج هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اللَّقَانِيُّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ. طفى وَالْبَنَّانِيُّ لَوْ زَادَ وَشَبَهَهُمَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْأَسْفَاهَ أَيْ الْفُسَّقَ، إذْ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَفِيهِ فَقَطْ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ.
(وَزَوَالِ الْعَدَاوَةِ) الدُّنْيَوِيَّةِ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِقَرَائِنَ وَأَحْوَالٍ تُوجِبُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِزَوَالِهَا كَرُجُوعِهِمَا إلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَهَا (وَ) زَوَالُ (الْفِسْقِ) مِمَّنْ اتَّصَفَ بِهِ يَكُونُ (بِمَا) أَيْ أَمَارَاتٍ وَعَلَامَاتٍ (يَغْلِبُ) زَوَالُهُ (عَلَى الظَّنِّ) بِحُصُولِهَا كَتَوْبَتِهِ وَمُلَازَمَتِهَا وَظُهُورِ أَمَارَاتِ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ (بِلَا حَدٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ، أَيْ تَحْدِيدٍ لِلزَّمَنِ الَّذِي يَحْصُلُ الزَّوَالُ فِيهِ، وَقِيلَ يُحَدُّ بِسَنَةٍ، وَقِيلَ بِنِصْفِهَا، وَأَنْكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي زَوَالِهِمَا فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُطَّلَعُ عَلَى بَاطِنِهِ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ، وَمُخَالَطَةِ الْحُذَّاقِ بِظَوَاهِرِ حَتَّى يُظَنَّ صَالِحًا أَوْ حَبِيبًا وَهُوَ فِي بَاطِنِهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ، يَنْتَظِرُ غَفْلَةً يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ إظْهَارِ مَا فِي بَاطِنِهِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ بِخِلَافِهِ، فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ الْقَرَائِنُ وَالْأَحْوَالُ لَا مُجَرَّدُ طُولِ الزَّمَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ جُرْحَةُ الْفِسْقِ تَزُولُ بِالتَّوْبَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ مُسْتَوْفَاةٌ فِي فَنِّ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْفِقْهِ.
الْمَازِرِيُّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ تُبْت، إنَّمَا تُقْبَلُ بِدَلَالَةِ حَالِهِ وَالْقَرَائِنِ عَلَى صِدْقِهِ مَعَ اتِّصَافَةِ بِصِفَاتِ الْعَدَالَةِ وَلَا تَوْقِيتَ فِي ذَلِكَ وَوَقَّتَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَالتَّحْقِيقُ مَا قُلْنَاهُ. قُلْت لِلشَّيْخِ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ مَنْ كَانَ يُعْرَفُ بِالصَّلَاحِ لِمَعْرِفَةِ تَوْبَتِهِ مِنْ قَذْفٍ بِطُولٍ لَيْسَ كَمَنْ كَانَ مُعْلِنًا بِالسُّوءِ؛ لِأَنَّ مَنْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ لَا يَتَبَيَّنُ تَزَيُّدُهُ فِيهِ إلَّا بِالتَّرْدَادِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، ظَاهِرُهُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَفِي الرَّجْمِ مِنْهَا مَعَ الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ حَتَّى يُجْلَدَ وَقَالَهُ