وَلَا مُفْتٍ عَلَى مُسْتَفْتِيهِ، إنْ كَانَ مِمَّا يُنَوَّى فِيهِ، وَإِلَّا رَفَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا السَّمَاعِ، يُرِيدُ وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَوْ قَرِيبَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ وَيُؤَخِّرَهُ بِهِ كَانَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَرَ أَشْهَبُ هَذِهِ تُهْمَةً فِي الْعَدْلِ كَانَ الدَّيْنُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى الشَّاهِدِ أَوْ بِالْعَكْسِ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الشَّاهِدِ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا قُبِلَتْ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا رُدَّتْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَالْأَخَوَانِ قَالَا؛ لِأَنَّهُ كَأَسِيرٍ بِيَدِهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ قَرِيبَ الْحُلُولِ، وَإِنْ بَعُدَ أَجَلُهُ جَازَتْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَرُدَّتْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ. وَمَعْنَى الْغِنَى هُنَا أَنْ لَا يَسْتَضِرَّ بِإِزَالَةِ هَذَا الْمَالِ عَنْهُ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ كَفَافُهُ فَالضَّرَرُ يَلْحَقُهُ بِتَعْجِيلِهِ مِنْهُ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ.
الْبُنَانِيُّ ضَبَطَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُدَانَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَدَانَ الرُّبَاعِيِّ كأقأم، وَهُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِشَدِّ الدَّالِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ ادَّانَ الْمُشَدَّدِ الدَّالِ الْخُمَاسِيِّ، وَأَصْلُهُ ادْتَيَنَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ. قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِ أَدَنْت الرَّجُلَ أَعْطَيْته دَيْنًا، وَهَذَا يَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ وَادَّانَ وَاسْتَدَانَ وَدَانَ أَخَذَ الدَّيْنَ وَهَذَا يَشْهَدُ لِلثَّانِي وَنَحْوُهُمَا لِلْجَوْهَرِيِّ إلَّا أَنَّهُ فَسَّرَ الْخُمَاسِيَّ بِاسْتَقْرَضَ بَعْدَمَا قَالَ دِنْت الرَّجُلَ أَقْرَضْته فَهُوَ مَدِينٌ وَمَدْيُونٌ.
(وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (مُفْتٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، أَيْ مُخْبِرٍ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ (عَلَى مُسْتَفْتِيه) أَيْ طَالِبِ الْفَتْوَى مِنْ الْمُفْتِي (إنْ كَانَ) الْمَسْئُولُ عَنْهُ (مِمَّا يُنَوَّى) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا، أَيْ تُقْبَلُ النِّيَّةُ (فِيهِ) مِنْ الْمُسْتَفْتِي عِنْدَ الْمُفْتِي وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي، أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِهِ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ تُقْبَلْ نِيَّتُهُ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِظَاهِرِ لَفْظِهِ كَقَوْلِهِ لِلْمُفْتِي كَانَتْ زَوْجَتِي مُوثَقَةً، فَقَالَتْ لِي أَطْلِقْنِي، فَقُلْت لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نَاوِيًا مِنْ الْوَثَاقِ فَأَفْتَاهُ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَفَعَتْهُ زَوْجَتُهُ لِلْقَاضِي فَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ مِنْ الْمُفْتِي الشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارِهِ فَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ شَهِدَ لَهَا عَلَيْهِ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُنَوَّى فِيهِ عِنْدَ الْمُفْتِي (رَفَعَ) الْمُفْتِي الشَّهَادَةَ لِلْقَاضِي وَشَهِدَ بِإِقْرَارِهِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ إنْ أَنْكَرَهُ. ابْنُ يُونُسَ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرَّجُلِ يَأْتِي مُسْتَفْتِيًا عَنْ أَمْرٍ يُنَوَّى فِيهِ، وَلَوْ أَقَرَّ