أَوْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ، بِخِلَافِ الْجَرْحِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآخَرُ فِيهِ هُوَ آكُلُ رِبًا فَلَيْسَ بِتَجْرِيحٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ خَائِنٌ، وَقَالَ الْآخَرُ يَأْكُلُ أَمْوَالَ الْيَتَامَى فَهَذَا تَجْرِيحٌ، وَقِيلَ أَيْضًا إذَا جَرَّحَهُ أَحَدُهُمَا بِمَعْنًى وَجَرَّحَهُ الْآخَرُ بِمَعْنًى آخَرَ فَهَذَا تَجْرِيحٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ. ابْنُ حَبِيبٍ وَسَأَلْته عَنْ تَجْرِيحِهِمَا إيَّاهُ أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ، وَقَالَا لَا نُسَمِّي الْجُرْحَةَ فَقَالَ هِيَ جُرْحَةٌ وَلَا يَكْشِفُوا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ هَذَا أَفَادَهُ ابْنُ سَهْلٍ.
(وَ) إنْ زَكَّى الشَّاهِدَ مُبَرِّزُونَ مَوْصُوفُونَ بِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَجَرَّحَهُ آخَرُونَ كَذَلِكَ فَ (هُوَ) أَيْ الْجَرْحُ (مُقَدَّمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (عَلَى التَّعْدِيلِ) سَمِعَ الْقَرِينَانِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي الشَّاهِدِ يُعَدِّلُهُ الرَّجُلَانِ، وَيَأْتِي الْمَطْلُوبُ بِالرَّجُلَيْنِ يُجَرِّحَانِهِ، قَالَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى الشُّهُودِ أَيُّهُمَا أَعْدَلُ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْمُجَرِّحَانِ أَوْلَى وَيَسْقُطُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ مِثْلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ هُوَ دَلِيلُ مَا فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ وَهْبٍ التَّعْدِيلُ أَوْلَى مِنْ التَّجْرِيحِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُجَرِّحُونَ الْجُرْحَةَ وَتَعَارَضَتْ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ بَيَّنَ الْمُجَرِّحُونَ الْجُرْحَةَ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ أَعْمَلُ مِنْ شَهَادَةِ الْمُعَدِّلِينَ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ عَدَالَةً مِنْهُمْ، وَلِكُلِّ قَوْلٍ مِنْهَا وَجْهٌ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ تَوْجِيهِهَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّ شَهَادَةَ الْمُجَرِّحِينَ أَعْمَلُ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ. ابْنُ سَهْلٍ تَقْدِيمُ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ، وَقَائِلُوهُ أَكْثَرُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي مَضَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ التَّجْرِيحَ أَتَمُّ شَهَادَةً؛ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنْ الْبَاطِنِ مَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُعَدِّلُونَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ، وَقَالَ فِي نِهَايَتِهِ شَهَادَةُ التَّجْرِيحِ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ التَّعْدِيلِ تُبْطِلُ شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ بِالْجَرْحِ شَهَادَةَ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنْ الرِّجَالِ بِالْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُجَرِّحَ عَلِمَ مِنْ حَالِ الْمُجَرَّحِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُزَكِّي، هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي النَّوَادِرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا عُدِّلَ الشُّهُودُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَتَى مَنْ يُجَرِّحُهُمْ فَإِنَّهُ يُسْمَعُ الْجَرْحُ فِيهِمْ أَبَدًا مَا لَمْ يَحْكُمْ، فَإِنْ حَكَمَ فَلَا يَنْظُرُ فِي