. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَعْمَى فِيمَا لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَقْوَالِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ مَعْنَاهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى عَلَى الْأَقْوَالِ إذَا كَانَ فَطِنًا، وَلَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْوَاتُ. وَيَتَيَقَّنُ الْمَشْهُودَ لَهُ وَالْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلَا تُقْبَلُ فِي الْمَرْئِيَّاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَحَمَّلَهَا بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ وَهُوَ يَتَيَقَّنُ عَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ.
طفى لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَوْلِ فَتَجُوزُ فِيمَا عَدَا الْمَرْئِيَّاتِ مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمَلْمُوسَاتِ وَالْمَذُوقَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ. عَبْدُ الْوَهَّابِ تُقْبَلُ عَلَى مَا لَمَسَهُ بِيَدِهِ أَنَّهُ حَارٌّ أَوْ بَارِدٌ أَوْ نَاعِمٌ أَوْ خَشِنٌ وَفِيمَا ذَاقَهُ أَنَّهُ حُلْوٌ أَوْ حَامِضٌ وَفِيمَا شَمَّهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ هَذَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ فِي الْأَيْمَانِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَشْرَبَ حُلْوًا أَوْ حَامِضًا فَيَشْهَدُ عَلَيْهِ بِهِ فَيَلْزَمُهُ، وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلْمُوسَ وَالْمَذُوقَ وَالْمَشْمُومَ يَسْتَوِي فِيهَا الْأَعْمَى وَغَيْرُهُ، فَهِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَسْمُوعِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " جَوَازُهَا، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ وَالْجُمْهُورِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَنْعُهَا، وَمَثَارُ الْخِلَافِ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ أَنَّ هَذَا صَوْتُ فُلَانٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ تَحَمَّلَهَا عِنْدَنَا أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا، وَمَنَعَهُ الْحَنَفِيُّ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَأَجَازَهَا الشَّافِعِيُّ إذَا تَحَمَّلَهَا بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ. وَأَمَّا شَهَادَتُهُ فِي الْأَفْعَالِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَرْئِيَّاتِ فَلَا تَجُوزُ، فَإِنْ تَحَمَّلَهَا بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ جَازَتْ إنْ تَيَقَّنَ عَيْنَ مَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَعَرَفَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُ " ح " وَأَمَّا مَا تَحَمَّلَهُ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى غَيْرِ الْأَقْوَالِ قَبْلَ الْعَمَى فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا كَالْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ لِنَقْلِهِمْ الْمَذْهَبَ أَوَّلًا، ثُمَّ قَالُوا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " تَجُوزُ فِيمَا تَحَمَّلَهُ قَبْلَ الْعَمَى، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ التَّفْصِيلِ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ إنَّمَا ذَكَرُوهَا فِي الْأَقْوَالِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَقَلُوا الْمَذْهَبَ بِجَوَازِهَا، ثُمَّ قَالُوا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْأَفْعَالِ فَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِهِمْ. وَنَصُّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى فَأَجَازَهَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى الْأَقْوَالِ، وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " تَجُوزُ فِيمَا أَدْرَكَهُ قَبْلَ عَمَاهُ