. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ التَّصَفُّحَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْمُشَاوِرِ، وَلِذَا قَالَ فِي ضَيْح حَكَى الْمَازِرِيُّ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّ الْجَاهِلَ تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ كُلُّهَا. لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهَا صَوَابًا إنَّمَا هُوَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَتِمُّ فِي الْمُشَاوِرِ. اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
ابْنُ رُشْدٍ الْقُضَاةُ أَرْبَعَةٌ،
الْأَوَّلُ عَدْلٌ عَالِمٌ فَأَحْكَامُهُ عَلَى الْجَوَازِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهَا الْخَطَأُ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ.
الثَّانِي: عَدْلٌ جَاهِلٌ يَحْكُمُ بِرَأْيِهِ وَلَا يُشَاوِرُ الْعُلَمَاءَ فَتُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ وَلَا يُرَدُّ مِنْهَا إلَّا الْخَطَأُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ.
الثَّالِثُ: مَعْرُوفٌ بِالْجَوْرِ فَأَحْكَامُهُ تُنْقَضُ كُلُّهَا، وَحَكَى فَضْلٌ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهَا تُتَصَفَّحُ كَأَحْكَامِ الْجَاهِلِ وَهُوَ شُذُوذٌ.
الرَّابِعُ: فَاسِقٌ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجَوْرِ فِي أَحْكَامِهِ أَوْ مُبْتَدِعٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَهَذَا حُكْمٌ لَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَحْكُمُ الْجَائِرُ وَحَكَمَ لَهُ أَصْبَغُ بِحُكْمِ الْجَاهِلِ. اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي خِلَافِ مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إذَا كَانَ عَدْلًا جَاهِلًا كُشِفَتْ أَقْضِيَتُهُ فَأُنْفِذَ صَوَابُهَا وَرُدَّ خَطَؤُهَا الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ إذَا كَانَ عَدْلًا جَاهِلًا كُشِفَتْ أَقْضِيَتُهُ فَأُنْفِذَ صَوَابُهَا وَرُدَّ خَطَؤُهَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَانِ يُرِيدُ أَنَّهَا تُتَعَقَّبُ مِنْ وَجْهِ الْفِقْهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ إلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ فَلَا تُتَعَقَّبُ، وَرَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَكَمَ بِرَأْيِهِ أَنْ يُرَدَّ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَخْمِينٌ وَحَدْسٌ وَالْقَضَاءُ بِذَلِكَ بَاطِلٌ اهـ.
الْمُتَيْطِيُّ أَحْكَامُ الْقُضَاةِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: عَدْلٍ عَالِمٍ، وَعَدْلٍ مُقَلِّدٍ، ثُمَّ قَالَ الْوَجْهُ الثَّانِي الْعَدْلُ الْجَاهِلُ الَّذِي عُرِفَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشَاوِرُ الْعُلَمَاءَ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَتَصَفَّحَ أَحْكَامَهُ، فَمَا أَلْفَى مِنْهَا مُوَافِقًا لِلْحَقِّ أَوْ مُخَالِفًا لِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي بَلَدِهِ إلَّا أَنَّهُ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يُنْفِذُهُ، وَمَا لَمْ يُصَادِفْ قَوْلَ قَائِلٍ وَكَانَ خَطَأً نَقَضَهُ. اهـ. وَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْقَاضِي الْعَدْلُ الْجَاهِلُ تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ فَمَا هُوَ صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ فِيهِ خِلَافٌ يَنْفُذُ، وَمَا هُوَ خَطَأٌ لَا خِلَافَ فِيهِ يُرَدُّ وَنَحْوُهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ، فَهَذِهِ النُّقُولُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَاهِلِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.