. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَعْجِيزَهُ لِئَلَّا يَقُومَ عَلَيْهِ بِهَا مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ مُطَرِّفٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ إذَا أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْ يُزَكِّيهَا أَوْ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ، فَأَصْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا تُقْبَلُ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ اهـ.
وَإِنَّمَا أَطَلْنَا بِذِكْرِ النُّقُولِ الْمُتَدَاخِلَةِ إيضَاحًا لِلْحَقِّ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ شَفَى الْغَلِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ شُرَّاحِهِ مَعَ وُقُوعِ الِاضْطِرَابِ فِي كَلَامِهِ مِنْ جَرْيِهِ مَرَّةً عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَرَّةً عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي فَصْلِ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. عب يُعَجِّزُهُ أَيْ يَحْكُمُ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَيَكْتُبُ ذَلِكَ فِي سِجِلٍّ بِأَنْ يَقُولَ ادَّعَى فُلَانٌ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَلَمْ يَأْتِ بِهَا وَقَدْ عَجَّزْته كَمَا يَأْتِي خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمَ التَّعْجِيزِ، وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ قَالَ بِالْقَبُولِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيزِ الْحُكْمَ بَعْدَ تَبَيُّنِ اللَّدَدِ لِأَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى حُجَّتِهِ، فَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ ثُمَّ إذَا عَجَّزَهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَلَهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْهَا أَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهَا وَحَلَفَ عَلَيْهِ إنْ عَجَّزَهُ مَعَ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مَعَ ادِّعَائِهِ حُجَّةً فَلَا يُقِيمُهَا وَلَوْ مَعَ ادِّعَاءِ نِسْيَانِهَا وَحَلِفِهِ عَلَيْهِ.
الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ " ز " مِنْ أَنَّ التَّعْجِيزَ هُوَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا وَأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَقِّ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُعَجِّزُهُ إلَّا فِي دَمٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالتَّعْجِيزِ مُجَرَّدُ الْحُكْمِ لَمْ يَفْتَرِقْ الدَّمُ وَمَا مَعَهُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَهُ اللَّقَانِيُّ، ثُمَّ قَالَ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَيُعَجِّزُهُ عَلَى صُورَةِ الِاتِّفَاقِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَهِيَ إذَا عَجَّزَهُ مُدَّعِيًا أَنَّ لَهُ حُجَّةً وَعَلَيْهَا يَتَنَزَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِهَذَا يَسْلَمُ مِنْ الِاضْطِرَابِ الَّذِي ادَّعَاهُ طفي، وَيَسْقُطُ بِهِ أَيْضًا قَوْلُ اللَّقَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَيُعَجِّزُهُ إلَّا فِي دَمٍ إلَخْ، هَذَا مُوَافِقٌ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ. اهـ. نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَقَالَ بَعْدَهُ التَّقْرِيرُ حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.