وَمَضَى، وَعَزَّرَ شَاهِدَ زُورٍ فِي الْمَلَإِ بِنِدَاءٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَمَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ الْمُفْتِي لَا يُفْتِي مَعَ مَا يُدْهِشُ الْفِكْرَ نَصَّ عَلَيْهِ عِيَاضٌ، وَتَبِعَهُ الْآبِي وَمِنْهُ كَثْرَةُ الزِّحَامِ، وَكَانَ سَحْنُونٌ يَحْكُمُ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ عَلَيْهِ بَوَّابٌ لَا يُدْخِلُ عَلَيْهِ إلَّا اثْنَيْنِ فَاثْنَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْمَجِيءِ إلَيْهِ، وَفِي هَذَا فَائِدَتَانِ السَّتْرُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ وَاسْتِجْمَاعُ الْفِكْرِ.
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لَا يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ وَهُوَ عَلَى صِفَةٍ يُخَافُ فِيهَا أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالْقَضِيَّةِ صَوَابًا إنْ نَزَلَ بِهِ فِي قَضَائِهِ تَرَكَهُ كَالْغَضَبِ وَالضَّجَرِ وَالْهَمِّ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْحَقْنِ وَأَخْذِهِ مِنْ الطَّعَامِ فَوْقَ كِفَايَتِهِ. قُلْت أَرَادَ إنْ أُدْخِلَ عَلَيْهِ تَغَيُّرًا، وَأَصْلُ هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحْكُمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانٌ» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ابْنُ عَرَفَةَ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِأَعَمَّ مِنْ الْغَضَبِ وَهُوَ الْأَمْرُ الشَّاغِلُ وَإِلْغَاءُ خُصُوصِ الْغَضَبِ، وَسَمَّوْا هَذَا الْإِلْغَاءَ وَالِاعْتِبَارَ بِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ.
(وَ) إنْ حَكَمَ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ (مَضَى) حُكْمُهُ. الْمُتَيْطِيُّ فِي كِتَابِ الْقَزْوِينِيِّ إنْ حَكَمَ وَهُوَ غَضْبَانُ جَازَ حُكْمُهُ خِلَافًا لِدَاوُدَ، وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ الْغَضَبِ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ (وَعَزَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَدَّبَ الْقَاضِي شَخْصًا (شَاهِدًا بِزُورٍ) أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ عَمْدًا وَإِنْ صَادَفَ الْوَاقِعَ بِأَنْ شَهِدَ بِقَتْلِ زَيْدٍ عَمْرًا وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَقَدْ كَانَ قَتَلَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ زَوْرِ الصَّدْرِ أَيْ اعْوِجَاجِهِ لَا مِنْ تَزْوِيرِ الْكَلَامِ أَيْ تَحْسِينِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ زَوَّرْت فِي نَفْسِي كَلَامًا أَوْ مَقَالَةً وَيَجْتَهِدُ فِيمَا يُعَزِّرُ بِهِ شَاهِدَ الزُّورِ مِمَّا يَرَاهُ زَاجِرًا لَهُ عَنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَلِمِثْلِهِ عَنْ ارْتِكَابِهَا (بِ) حَضْرَةِ (مَلَأٍ) بِالْقَصْرِ وَالْهَمْزِ، أَيْ جَمْعٍ مِنْ النَّاسِ (بِنِدَاءٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مَمْدُودًا، أَيْ صِيَاحٍ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ وَطَوَافٍ بِهِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْجَمَاعَاتِ.
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَى شَاهِدِ الزُّورِ ضَرَبَهُ بِقَدْرِ رَأْيِهِ وَيُطَافُ يه فِي الْمَجَالِسِ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَادَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ. ابْنُ وَهْبٍ كَتَبَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَى عُمَّالِهِ بِالشَّامِ إنْ أَخَذْتُمْ شَاهِدَ زُورٍ فَاجْلِدُوهُ أَرْبَعِينَ وَسَخِّمُوا وَجْهَهُ وَطُوفُوا بِهِ حَتَّى يَعْرِفَهُ النَّاسُ