وَلَمْ يُفْتِ فِي خُصُومَةٍ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ وَأَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ، وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْخَصْمَيْنِ لَمَّا جَلَسَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِلْخُصُومَةِ رَضِيَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا يُقِرَّانِ بِهِ، وَلِذَلِكَ قَعَدَا وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ.

(وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُفْتِ) بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ لَا يُخْبِرُ الْقَاضِي بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ سُئِلَ عَنْهُ (فِي خُصُومَةٍ) أَيْ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي شَأْنُهَا، أَنْ يُتَخَاصَمَ فِيهَا لِئَلَّا يُعْلَمَ مَذْهَبُهُ فَيُتَحَيَّلَ عَلَى مُوَافَقَتِهِ. ابْنُ شَاسٍ لَا يُجِيبُ الْحَاكِمُ مَنْ سَأَلَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُصُومَاتِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُجِيبَ بِالْفُتْيَا فِي كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ بِمَا عِنْدَهُ فِيهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ كَانُوا يُفْتُونَ النَّاسَ فِي نَوَازِلِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ عَزَا ابْنُ الْمُنَاصِفِ الْأُولَى لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَابْنُ الْحَارِثِ إلَى سَحْنُونٍ. وَفِي الْوَاضِحَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ دُونَ صَاحِبِهِ لَا وَحْدَهُ وَلَا فِي جَمَاعَةٍ.

الْحَطّ قَوْلُهُ لَمْ يُفْتِ فِي خُصُومَةٍ، اُنْظُرْ هَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يُفْتِ الْحَاكِمُ فِي الْخُصُومَاتِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِهِ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، أَرَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا فِيمَا عَدَا مَسَائِلَ الْخِصَامِ، وَهَلْ لَهُ الْفُتْيَا فِي مَسَائِلِ الْخِصَامِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ إعَانَةِ الْخُصُومِ عَلَى الْفُجُورِ، وَالثَّانِي إجَازَةُ فَتْوَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِصَامِ. وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقَاضِي الْعِلْمَ وَتَعَلُّمُهُ لَهُ فَجَائِزٌ. اهـ. فَقُوَّةُ عِبَارَتِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَعَدَّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ فِي سِيرَةِ الْحُكْمِ.

ابْنُ الْمُنْذِرِ تُكْرَهُ لِلْقَاضِي الْفُتْيَا فِي الْأَحْكَامِ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ أَنَا أَقْضِي وَلَا أُفْتِي. الْبُرْزُلِيُّ يُرِيدُ إذَا كَانَتْ الْفُتْيَا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تُعْرَضَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ جَاءَتْهُ مِنْ خَارِجِ بَلَدِهِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْكُوَرِ أَوْ عَلَى يَدِ عُمَّالِهِ فَلْيُجِبْهُمْ عَنْهَا. ابْنُ الْمُنَاصِفِ الْأَوَّلُ النَّهْيُ فِيهِ عَنْ فَتْوَى الْقَاضِي فِي الْخُصُومَاتِ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي فَتْوَاهُ لَا فِي خُصُومَةٍ بِعَيْنِهَا. اهـ. وَمَحَلُّ النَّهْيِ أَيْضًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَذْهَبٍ إلَّا مِنْ إفْتَائِهِ، وَذَلِكَ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ مَثَلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015