كَالْمُحَلِّفِ، وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ، أَوْ شَاوَرَهُمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مَسْخُوطٍ لَقُبِلَ قَوْلُهُ وَحُكِمَ بِهِ كَمَا يُحْكَمُ بِقَوْلِ الطَّبِيبِ الْكَافِرِ، وَغَيْرِ الْعَدْلِ فِيمَا اُضْطُرَّ فِيهِ لِقَوْلِهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالطِّبِّ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَدْ حَكَى فَضْلٌ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْوَاحِدِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْقَاضِي إذَا لَمْ يَفْقَهْ لِسَانَهُمْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِتَرْجَمَةِ الْوَاحِدِ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ لَمْ يَجُزْ وَيُرَدُّ هَذَا لَا يَصِحُّ أَنَّهُ أَرَادَهُ. قُلْت ظَاهِرُ السَّمَاعِ صِحَّةُ تَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ وُجِدَ مُتَرْجِمٌ مِنْ الرِّجَالِ وَسَاقَ الشَّيْخُ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ بِعِبَارَةٍ لَا بَأْسَ بِتَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ الِاكْتِفَاءُ بِتَرْجَمَةِ الْوَاحِدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ نَقَلَ الْحَطّ عَنْ الْعُمْدَةِ مَا نَصُّهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ يُشْتَرَطُ تَعَدُّدٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَاهِدٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ مَحَلُّهُ فِيمَنْ جَاءَ بِهِ الْخَصْمُ لِيُتَرْجِمَ عَنْهُ، فَهَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ مَنْ يَتَّخِذُهُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مُتَرْجِمًا، وَهَذَا يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ مُخْبِرًا فَقَالَ (كَ) الْعَدْلِ (الْمُحَلِّفِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً، لِمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَقَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ كَامْرَأَةٍ مُخَدَّرَةٍ وَمَرِيضٍ وَمَحْبُوسٍ، فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ (وَأَحْضَرَ) الْقَاضِي (الْعُلَمَاءَ) مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فِي مُعْضِلَةٍ (أَوْ شَاوَرَهُمْ) أَيْ الْعُلَمَاءَ فِيهَا اللَّخْمِيُّ وَالْجَلَّابِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْكُمَ إلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ لِيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ لَا بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَأَخْذُهُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَحْسَنُ، وَاخْتُلِفَ فِي جُلُوسِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعَهُ فَقَالَ أَشْهَبُ وَمُحَمَّدٌ لَا أُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ إلَّا بِحَضْرَتِهِمْ وَمَشُورَتِهِمْ، وَمَنَعَهُ الْأَخَوَانِ. مُحَمَّدٌ لَا يَدَعُ مُشَاوَرَةَ أَهْلِ الْفِقْهِ الْمَازِرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَشِيرَ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمْ يُوجِبُ حَصْرَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي عَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ بَلِيدًا بَلَادَةً لَا يُمْكِنُهُ مَعَهَا ضَبْطُ قَوْلِ الْخَصْمَيْنِ وَتَصَوُّرُ حَقِيقَةِ دَعْوَاهُمَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي حُضُورِهِمْ إيَّاهُ وَكَانَ عِنْدَنَا قَاضٍ اُشْتُهِرَتْ بِالْأَمْصَارِ نَزَاهَتُهُ فَرَفَعَ إلَى مُحَاضِرٍ بَيْنَ خَصْمَيْنِ طَالَ فِيهَا النِّزَاعُ وَالْإِثْبَاتُ وَالتَّجْرِيحُ، فَتَأَمَّلْت الْمُحَاضَرَاتِ فَوَجَدْتهَا تَتَضَمَّنُ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ مُتَّفِقَانِ فِي الْمَعْنَى مُخْتَلِفَانِ فِي الْعِبَارَةِ، وَلَمْ يَتَفَطَّنْ الْقَاضِي لِذَلِكَ حَتَّى نَبَّهَتْهُ لَهُ فَجَعَلَ مِنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015