وَنَادَى بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ يَتِيمٍ وَسَفِيهٍ، وَرَفْعِ أَمْرَهُمَا إلَيْهِ، ثُمَّ فِي الْخُصُومِ وَرَتَّبَ كَاتِبًا عَدْلًا شَرْطًا:
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْصِيَاءِ ثُمَّ فِي الْمُهْمَلِينَ لِكَوْنِ مَنْ تَكُونُ لَهُ مُطَالَبَةٌ عَلَيْهِمْ لَا يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ اللَّقِيطِ وَالضَّوَالِّ ثُمَّ بَيْنَ الْخُصُومِ.
(وَنَادَى) أَيْ يَأْمُرُ الْقَاضِي بِالنِّدَاءِ عَلَى النَّاسِ (بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ) شَخْصٍ (يَتِيمٍ) مُهْمَلٍ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا مُقَدِّمَ (وَ) مَنْعِ مُعَامَلَةِ شَخْصٍ (سَفِيهٍ) بَالِغٍ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ مُهْمَلٍ مِنْ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ (وَرَفْعِ أَمْرِهِمَا) أَيْ الْيَتِيمِ وَالسَّفِيهِ إلَيْهِ لِيَنْظُرَ فِي حَالِهِمَا. أَصْبَغُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا قَعَدَ أَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ فِي النَّاسِ أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا وَكِيلَ، فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْهِ، وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٍ لِلْوِلَايَةِ فَقَدْ مَنَعْت النَّاسَ مِنْ مُدَايَنَتِهِ وَمُتَاجَرَتِهِ وَمَنْ عَلِمَ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلْيَرْفَعْهُ إلَيْنَا لِنُوَلِّيَ عَلَيْهِ فَمَنْ دَايَنَهُ بَعْدُ أَوْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ (ثُمَّ) يَنْظُرُ فِي أَحْوَالِ (الْخُصُومِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَصْمٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِمْ مُؤَخَّرٌ عَمَّا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ فِيهَا مُسَافِرٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ أَحْمَدُ.
(وَرَتَّبَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْقَاضِي (كَاتِبًا عَدْلًا) يَكْتُبُ الْوَقَائِعَ وَالْأَحْكَامَ تَرْتِيبًا وَاجِبًا (شَرْطًا) قَالَهُ أَحْمَدُ وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِهِ بِالْفِعْلِ. وَقَالَ الْحَطّ تَرْتِيبُ الْكَاتِبِ وَالْمُزَكِّي وَالْمُتَرْجِمِ أَوْلَوِيٌّ هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ، فَإِنَّ أَبَا الْحَسَنِ وَالْقَرَافِيَّ جَعَلَاهُ مِنْ آدَابِ الْقَضَاءِ، وَقَوْلُهُ عَدْلًا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي صِفَاتِهِ أَرْبَعَةً: الْعَدَالَةَ وَالْعَقْلَ وَالرَّأْيَ وَالْعِفَّةَ، وَقَوْلُهُ شَرْطًا كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا مَرَضِيًّا وَهِيَ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا. ابْنُ فَرْحُونٍ ابْنُ شَاسٍ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْكَاتِبِ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقِفُ عَلَى مَا يَكْتُبُ. اهـ. إلَّا أَنِّي لَمْ أَرَ فِي الْجَوَاهِرِ مَا عَزَاهُ ابْنُ فَرْحُونٍ لِابْنِ شَاسٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ أَنَّهُ لَا يَسْتَعِينُ مَعَ الْقُدْرَةِ إلَّا بِالْعُدُولِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمْ جَازَ الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِهِمْ، ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا لَا يَسْتَكْتِبُ الْقَاضِي أَهْلَ الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَتَّخِذُ قَاسِمًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا عَبْدًا وَلَا مُكَاتَبًا، وَلَا يَسْتَكْتِبُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا الْعُدُولَ الْمَرَضِيِّينَ، فَلَعَلَّ هَذَا مَعَ الِاخْتِيَارِ اهـ.