وَبِطَانَةِ سُوءٍ

وَمَنْعُ الرَّاكِبِينَ مَعَهُ، وَالْمُصَاحِبِينَ لَهُ

وَتَخْفِيفُ الْأَعْوَانِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ كَرِهْت أَنْ أَحْمِلَ عَلَى فَضْلِ عَقْلِك وَكَانَ مِنْ الدُّهَاةِ. الْبِسَاطِيُّ وَقَعَ لِي مَعَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَقَدْ قَرَّرَ فَرْقًا بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ لَا يَفْهَمُهُ الْخَوَاصُّ إلَّا بِجَهْدٍ، فَقُلْت لَهُ هَذَا لَا يَقَعُ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ الَّذِينَ لَيْسَ فِي قُدْرَتِهِمْ فَهْمُ هَذَا وَلَوْ قُرِّرَ لَهُ طُولُ عُمْرِهِ فَتُؤَاخِذُهُ بِمَا لَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَصَوُّرِهِ فَسَكَتَ.

(وَ) بِلَا (بِطَانَةِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ خُلَطَاءِ (سُوءٍ) مِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ الَّذِي فِي الْمَعُونَةِ أَخَصُّ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ يَسْتَبْطِنُ أَهْلَ الدِّينِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ وَالنَّزَاهَةِ فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ، وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ كَوْنِهِ سَلِيمًا مِنْ بِطَانَةِ السُّوءِ. وَأَمَّا نَفْسُ السَّلَامَةِ مِنْ بِطَانَةِ السُّوءِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهَا مِنْ الشُّرُوطِ الْوَاجِبَةِ. الشَّيْخُ عَنْهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ قُضَاتِهِ مَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ الضَّعْفَ وَالْوَهَنَ وَبِطَانَةَ السُّوءِ وَإِنْ أَمِنَ عَلَيْهِ الْجَوْرَ.

(وَ) نُدِبَ لِلْقَاضِي (مَنْعُ) الْأَشْخَاصِ (الرَّاكِبِينَ) أَيْ الَّذِينَ يَرْكَبُونَ (مَعَهُ) أَيْ الْقَاضِي (وَ) الْأَشْخَاصِ (الْمُصَاحِبِينَ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، إذْ بِكَثْرَتِهِمْ تَعْظُمُ نَفْسُهُ وَيَهَابُهُ ذُو الْحَاجَةِ وَالضَّعِيفُ وَالْفَقِيرُ فَلَا يَصِلُونَ إلَيْهِ، وَلِاعْتِقَادِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي الْحَقَّ مِنْهُمْ وَلِتَوَصُّلِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُبْطِلِينَ بِهِمَا إلَى تَنْفِيذِ أَغْرَاضِهِمْ الْفَاسِدَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْأَخَوَيْنِ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُكْثِرَ الدِّخَالَ عَلَيْهِ وَلَا الرِّكَابَ مَعَهُ وَلَا الْمُسْتَخْلِينَ مَعَهُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ كَانَتْ مِنْهُ بِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ أَمَانَةٍ وَنَصِيحَةٍ وَفَضْلٍ فَلَا بَأْسَ بِهِمْ، وَيَمْنَعُ أَهْلَ الرُّكُوبِ مَعَهُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا رَفْعِ مَظْلَمَةٌ وَلَا خُصُومَةٍ.

(وَ) نُدِبَ (تَخْفِيفُ الْأَعْوَانِ) لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْوَانٌ وَلَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَفِي سَمَاعِ الْأَخَوَيْنِ يَتَقَدَّمُ إلَى أَعْوَانِهِ، وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْهُمْ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ أَعْوَانٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَطُوفُ وَحْدَهُ. إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَى الْأَعْوَانِ فَلْيُخَفِّفْ مَا اسْتَطَاعَ وَيُقَامُ مِنْ مَجْلِسِهِ مَنْ جَلَسَ فِيهِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كَيْفِيَّةَ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ لِأَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015