وَإِلَّا فَلَهُ الْهَرَبُ وَإِنْ عُيِّنَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَلَا ضَيَاعَ الْحَقِّ (فَلَهُ) أَيْ مَنْ فِيهِ شُرُوطُهُ (الْهَرَبُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ مِنْ تَوْلِيَتِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْإِمَامُ، بَلْ (وَإِنْ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مِنْ الْإِمَامِ لِتَوَلِّيَةِ الْقَضَاءِ. ابْنُ رُشْدٍ الْهُرُوبُ عَنْ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ وَطَلَبُ السَّلَامَةِ مِنْهُ لَازِمٌ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَرَوْضُ الْكِفَايَةِ كُلُّهَا تَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ إلَّا الْقَضَاءَ لِشِدَّةِ خَطَرِهِ فِي الدِّينِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وِلَايَتَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمِحَنِ حَيْثُ جَازَتْ لَهُ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ هُنَا، وَلَمْ تَجُزْ لَهُ فِي الْجِهَادِ الْمُؤَدِّي لِلْمَوْتِ. ابْنُ شَاسٍ لِلْإِمَامِ إجْبَارُهُ وَلَهُ هُوَ أَنْ يَهْرُبَ بِنَفْسِهِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ تَعَيُّنَهُ لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ.

1 -

(تَنْبِيهَاتٌ)

الْأَوَّلُ: إذَا لَزِمَهُ طَلَبُ الْقَضَاءِ فَطَلَبَهُ فَمُنِعَ مِنْهُ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِمْ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يُعَانُ عَلَى الْحَقِّ، وَبَذْلُ الْمَالِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ أَوَّلِ الْبَاطِلِ الَّذِي لَمْ يُعَنْ عَلَى إبْطَالِهِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ قَالَهُ الْحَطّ.

الثَّانِي: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَتَكُونُ حَسْرَةً وَنَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَتْ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ» ، فَمَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَأَرَادَهُ وَحَرَصَ عَلَيْهِ وُكِّلَ إلَيْهِ وَخِيفَ عَلَيْهِ فِيهِ الْهَلَاكُ، وَمَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَامْتُحِنَ بِهِ وَهُوَ كَارِهٌ لَهُ خَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ أَعَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِّلَ إلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَا اسْتَعَانَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ» ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ فَإِنَّك إنْ تُؤْتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ تُعَنْ عَلَيْهَا وَإِنْ تُؤْتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ تُوَكَّلْ إلَيْهَا» .

1 -

الثَّالِثُ: فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ الْقَضَاءُ مِحْنَةٌ وَبَلِيَّةٌ وَمَنْ دَخَلَ فِيهِ فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ لِأَنَّ التَّخَلُّصَ مِنْهُ عُسْرٌ، فَالْهَرَبُ مِنْهُ وَاجِبٌ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَطَلَبُهُ نُوكٌ، وَإِنْ كَانَ حِسْبَةً قَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إذَا خَلَصَتْ النِّيَّةُ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ وَلِيَهُ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ» . اهـ. فِي الصِّحَاحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015