وَمَنْ هَدَمَ وَقْفًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ قَوْمٍ كَانَتْ لَهُمْ دَارٌ حَبْسٌ فَبَاعُوهَا وَأُدْخِلَتْ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ أَرَى أَنْ يَشْتَرُوا بِالذَّهَبِ دَارًا أُخْرَى يَجْعَلُونَهَا فِي صَدَقَةِ أَبِيهِمْ، قِيلَ لَهُ: أَفَيُقْضَى عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؟ قَالَ لَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعُوا. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ الْحَقَّ أَخَذَهَا مِنْهُمْ جَبْرًا صَارَ كَالِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي يُبْطِلُ الْحَبْسَ لَا يَجِبُ صَرْفُ الثَّمَنِ الْمَأْخُوذِ فِي حَبْسِ مِثْلِهِ الْبُنَانِيُّ الْمِسْنَاوِيُّ فِي جَوَابِهِ أَنَّ مَا وُسِّعَ بِهِ الْمَسْجِدُ مِنْ الرِّبَاعِ لَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّضَ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ مِلْكًا أَوْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعْوِيضُهُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَجْنَاسِ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى نَحْوِ الْفُقَرَاءِ عَلَى مَا أَفَادَهُ جَوَابُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ لُبٍّ فِي نَوَازِلِ أَحْبَاسِ الْمِعْيَارِ وَوَجْهُهُ إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِمُعَيَّنٍ، وَالْأَجْرُ الَّذِي يَحْصُلُ لِوَاقِفِهِ بِإِدْخَالِهِ فِي الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ مِمَّا حَبَّسَهُ لَهُ، وَإِنَّ الْخَلَوَاتِ الْمُدْخَلَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَا حَقَّ لِأَرْبَابِهَا فِي عِوَضِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ كِرَاءٍ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَالْكِرَاءُ يَنْفَسِخُ بِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْمُكْتَرِي الْمُعَيَّنِ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا وَلَا حَقَّ لِأَرْبَابِهَا فِي الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَمَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ اسْمُ شَرْطٍ (هَدَمَ وَقْفًا) أَيْ عَقَارًا مَوْقُوفًا تَعَدِّيًا (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْهَادِمِ وُجُوبًا (إعَادَتُهُ) بِبِنَائِهِ كَمَا كَانَ لَا قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِهِ. (غ) كَذَا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَبُولُهُمَا إيَّاهُ فُهِمَ أَنَّهُ كُلُّ الْمَذْهَبِ أَوْ مَشْهُورُهُ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْهَدْمِ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا.

وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ فِي حَدِيثِ جُرَيْجٍ «مَنْ هَدَمَ حَائِطًا» فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015