وَإِلَّا بِنَفْسِ الْمَجْهُودِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَ فِي أَرْبَابِهَا وَسُكُوتُهُ فِيهَا عَنْ مَاشِيَةِ الْمُسَافِرِ، اعْتَذَرُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا مَاشِيَةَ لَهُ، وَأُخِّرَتْ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَابَّتِهِ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تُذَكَّى إذَا خِيفَ مَوْتُهَا بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ. الْعَدَوِيُّ فِيهِ أَنَّهُ قُدِّمَتْ دَابَّةُ الْمُسَافِرِ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ لِاسْتِعْجَالِهِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَاشِيَتَهُ تَكُونُ مَعَ دَابَّتِهِ وَلَا تُؤَخَّرُ عَنْهَا كَمَا هُوَ الْوَجْهُ، فَمَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ تَأْخِيرِ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَابَّتِهِ، وَأَنَّهَا بَعْدَ مَاشِيَةِ أَهْلِ الْمَاءِ فِيهِ نَظَرٌ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ كَافِيًا لِجَمِيعِ الْحَاضِرِينَ عِنْدَهُ (فَ) يُبْدَأُ (بِنَفْسِ) الشَّخْصِ (الْمَجْهُودِ) أَيْ الَّذِي اشْتَدَّ عَطَشُهُ وَخِيفَ هَلَاكُهُ آدَمِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ " غ " رَاجِعٌ لِفَضْلِ مَاءِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ بُدِئَ بِنَفْسِ الْمَجْهُودِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ فَيَجْمَعُ الرَّيَّ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْفَضْلِ رَيُّ الْجَمِيعِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَاءِ فَضْلٌ وَتَبْدِئَةُ أَحَدِهِمْ تُجْهِدُ الْآخَرِينَ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِأَنْفُسِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ مَنْ كَانَ الْجَهْدُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ بِتَبْدِئَةِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْجَهْدِ تَوَاسَوْا. هَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ.
وَذَهَبَ ابْنُ لُبَابَةَ أَنَّهُمْ إذَا تَسَاوَوْا فِي الْجَهْدِ فَأَهْلُ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالتَّبْدِئَةِ لِأَنْفُسِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ، وَأَمَّا إنْ قَلَّ الْمَاءُ وَخِيفَ عَلَى بَعْضِهِمْ بِتَبْدِئَةِ بَعْضٍ الْهَلَاكُ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ أَهْلُ الْمَاءِ فَيَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ عَنْهُمْ الْخَوْفَ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ الْمُسَافِرُ لِنَفْسِهِ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ عَنْهُ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ أَهْلُ الْمَاءِ لِدَوَابِّهِمْ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ عَنْهَا الْخَوْفَ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ الْمُسَافِرُ لِدَوَابِّهِ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ عَنْهَا، وَلَا اخْتِلَافَ عِنْدِي فِي هَذَا الْوَجْهِ.
طفي الِاحْتِمَالَانِ رَاجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ أَمَسُّ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الْفَضْلِ عَنْ أَهْلِ الْبِئْرِ، وَلِذَا قَالَ وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ، وَالْأَئِمَّةُ فَرَضُوا الْكَلَامَ فِيمَنْ يَقْدَمُ فِي الْمَاءِ ابْتِدَاءً، ثُمَّ رَتَّبُوا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كِفَايَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا حُفِرَ فِي الْفَيَافِي وَالطُّرُقِ مِنْ الْمَوَاجِلِ كَمُوَاجَلِ طُرُقِ الْمَغْرِبِ. كَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَيْعَ مَائِهَا وَلَمْ يَرَهُ حَرَامًا بَيِّنًا، وَهِيَ مِثْلُ آبَارِ الْمَاشِيَةِ فِي الْمَهَامِهِ، وَكَرِهَ بَيْعَ أَصْلِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ أَوْ مَائِهَا أَوْ فَضْلَهَا