بِعِمَارَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQطفي هَذَا التَّعْرِيفُ لِلْغَزَالِيِّ ارْتَكَبَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا الْمَوَاتَ بِالسَّالِمِ عَنْ الِاخْتِصَاصِ وَالِاخْتِصَاصُ يَكُونُ بِأَسْبَابٍ لَا تَكُونُ الْأَرْضُ غَيْرَ مَوَاتٍ إلَّا بِاسْتِيفَائِهَا. ابْنُ شَاسٍ الْمَوَاتُ الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصِ، وَالِاخْتِصَاصُ أَنْوَاعٌ، ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْوَاعَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ حَرِيمَ الْعِمَارَةِ لَا يُسَمَّى مَوَاتًا، وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ حِينَ تَكَلَّمَ عَلَى الْإِحْيَاءِ. الْمَوَاتُ قِسْمَانِ: قَرِيبٌ مِنْ الْعُمْرَانِ وَبَعِيدٌ، فَالْقَرِيبُ يَفْتَقِرُ إحْيَاؤُهُ لِإِذْنِ الْإِمَامِ لِوُقُوعِ التَّشَاحِّ فِيهِ، بِخِلَافِ الْبَعِيدِ، وَهُوَ مَا خَرَجَ عَمَّا يَحْتَاجُهُ أَهْلُ الْعِمَارَةِ مِنْ مُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى إلَخْ، وَكَذَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ يُطْلِقُونَ عَلَى الْحَرِيمِ مَوَاتًا قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا، فَاعْجَبْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ كَيْفَ ارْتَكَبُوا هَذَا الْحَدَّ وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، بَلْ لِكَلَامِهِمْ،، فَالصَّوَابُ فِي تَعْرِيفِ الْمَوَاتِ عَلَى اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يُعَمَّرْ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ وَصَاحِبُ اللُّبَابِ، وَالْمُحَيَّاةُ مَا عُمِّرَتْ، وَالْإِحْيَاءُ التَّعْمِيرُ.
الْبُنَانِيُّ وَفِي التَّوْضِيحِ إشَارَةٌ إلَى نَحْوِ هَذَا الْإِيرَادِ عِنْدَ تَقْسِيمِ الْمَوَاتِ إلَى قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ بِعِمَارَةٍ مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ، فَيَخْرُجُ بِهِ كُلُّ مَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ بِغَيْرِ الْعِمَارَةِ كَالْحَرِيمِ وَالْحِمَى وَمَا أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَوْ انْدَرَسَتْ إلَخْ مُبَالَغَةً عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ أَنَّ الْمُعَمَّرَ لَيْسَ بِمَوَاتٍ، وَيُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ وَبِحَرِيمِهَا عَامِلٌ يُنَاسِبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ بِهِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الْبُنَانِيِّ الَّتِي بِيَدِي، وَصَوَابُهُ يَدْخُلُ، إذْ الْمَقْصُودُ إدْخَالُ الْحَرِيمِ وَالْحِمَى وَالْمُقْطَعِ فِي الْمَوَاتِ، وَلِأَنَّ قَيْدَ الْقَيْدِ لِلْإِدْخَالِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. الْحَطّ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَعْرِيفِ الْمَوَاتَ إمَّا؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ فِي الْوُجُودِ فَلِتَقَدُّمِهِ طَبْعًا قَدَّمَهُ وَضْعًا، وَإِمَّا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَوَاتِ وَاحِدَةٌ وَالْإِحْيَاءُ يَكُونُ بِأُمُورٍ كُلٌّ مِنْهَا مُضَادُّ الْمَوَاتِ، فَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِهِ أَوَّلًا لِيَذْكُرَ أَضْدَادَهُ بَعْدَهُ.
وَصِلَةُ الِاخْتِصَاصِ (بِعِمَارَةٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ تَعْمِيرٍ، فَالْأَرْضُ الْمُعَمَّرَةُ لَيْسَتْ