أَوْ صَانِعٍ فِي مَصْنُوعِهِ. لَا غَيْرُهُ وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQخَابِيَةً دَلَّسَ فِيهَا بِكَسْرٍ وَعَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجْعَلُ فِيهَا زَيْتًا فَجَعَلَهُ الْمُشْتَرِي فِيهَا فَسَالَ مِنْ كَسْرِهَا فَلَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ الزَّيْتَ، كَتَدْلِيسِهِ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ فَسَرَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَضْمَنُ بَائِعُهُ الْمَسْرُوقَ وَلَوْ أَكْرَاهُ الْخَابِيَةَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزَّيْتَ اهـ. الْبُرْزُلِيُّ مِثْلُهُ مَنْ بَاعَ مُطَمَّرًا يُسِيسُ مُدَلَّسًا وَأَكْرَاهُ كَذَلِكَ. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِكْرَاءِ أَنَّ الْمَنَافِعَ فِي ضَمَانِ الْمُكْرِي حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا الْمُكْتَرِي، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعُطِفَ عَلَى مَعْنَى خَلَفٍ مَرْعِيَّ شَرْطٍ، أَيْ لَا مُخَالِفَ إلَخْ فَقَالَ (أَوْ صَانِعٍ) فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ (فِي مَصْنُوعِهِ) الَّذِي تَتَعَلَّقُ صَنْعَتُهُ بِهِ كَثَوْبٍ يَخِيطُهُ وَغَزْلٍ يَنْسِجُهُ وَعَيْنٍ يَصْبُغُهَا وَنُحَاسٍ يَصْنَعُهُ إنَاءً وَحَبٍّ يَطْحَنُهُ وَزَيْتُونٍ يَعْصِرُهُ وَ (لَا) ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ مَصْنُوعِهِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ عَمَلُهُ كَبَخْشَةٍ لِلثَّوْبِ الْمَخِيطِ أَوْ الْمَنْسُوجِ وَكِيسٍ لِلْعَيْنِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ (مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلُ) الصَّانِعِ كَخَابِيَةٍ لِلزَّيْتِ وَقُفَّةٍ لِلدَّقِيقِ.
ابْنُ رُشْدٍ الْأَصْلُ فِي الصُّنَّاعِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ مُؤْتَمَنُونَ لِأَنَّهُمْ أُجَرَاءُ، وَقَدْ أَسْقَطَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الضَّمَانَ عَنْ الْأُجَرَاءِ، وَخَصَّصَ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ الصُّنَّاعَ وَضَمَّنُوهُمْ نَظَرًا وَاجْتِهَادًا لِضَرُورَةِ النَّاسِ لِغَلَبَةِ فَقْرِ الصُّنَّاعِ وَرِقَّةِ دِيَانَتِهِمْ وَاضْطِرَارِ النَّاسِ إلَى صَنْعَتِهِمْ فَتَضْمِينُهُمْ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الْغَالِبَةِ الَّتِي تَجِبُ مُرَاعَاتُهَا. فِي التَّوْضِيحِ أَبُو الْمَعَالِي الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَثِيرًا مَا يَبْنِي مَذْهَبَهُ عَلَى الْمَصَالِحِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ قَتْلُ ثُلُثِ الْعَامَّةِ لِإِصْلَاحِ الثُّلُثَيْنِ. الْمَازِرِيُّ مَا حَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ مَالِكٍ صَحِيحٌ. زَادَ الْحَطّ بَعْدَهُ عَنْ شَرْحِ الْمَحْصُولِ مَا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ. الْبُنَانِيُّ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْمُحَقِّقُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ هَذَا الْكَلَامُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَطَّرَ فِي الْكُتُبِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطُّلَبَاءِ، وَهَذَا لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ. الشَّهَابُ الْقَرَافِيُّ مَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ مَالِكٍ أَنْكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ إنْكَارًا شَدِيدًا وَلَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِهِمْ.
ابْنُ الشَّمَّاعِ مَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّهُ رَوَاهُ نَقَلَتُهُ، إنَّمَا أَلْزَمَهُ ذَلِكَ، وَقَدْ اضْطَرَبَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي ذِكْرِهِ ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا اتَّضَحَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْبُرْهَانِ. وَقَوْلُ الْمَازِرِيِّ مَا حَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي صَحِيحٌ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ