عَلَى إنْ اسْتَغْنَى فِيهَا: حَاسَبَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ (عَلَى) شَرْطِ (إنْ اسْتَغْنَى) الْمُكْتَرِي عَنْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ (فِي) أَثْنَاءِ (هَا) أَيْ الْمَسَافَةِ لِظَفَرِهِ بِحَاجَتِهِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا مِنْ وُجُودِ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ مَدِينٍ هَارِبٍ مَثَلًا فَسَخَ الْإِجَارَةَ و (حَاسَبَ) رَبَّ الدَّابَّةِ بِأُجْرَةِ الْمَسَافَةِ الَّتِي رَكِبَهَا قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ، إذْ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ عَدَمُ اسْتِغْنَائِهِ فِيهَا، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ مَا وَجْهُ جَوَازِهَا، مَعَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ، وَأَجَابَ بِيَسَارَةِ الْغَرَرِ لِمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ تَكَارَى دَابَّةً بِدِينَارٍ إلَى بَلَدِ كَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ تَقَدَّمَ بِهَا فَبِحِسَابِ مَا تَكَارَى مِنْهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا سَمَّى مَوْضِعَ التَّقَدُّمِ أَوْ عَرَفَ نَحْوَهُ وَقَدَّرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عَبْدِي الْآبِقُ بِذِي الْمَرْوَةِ فَاكْتَرَى مِنْك إلَيْهَا بِدِينَارٍ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ عُرِفَ وَجْهُهُ، فَهُوَ كَتَسْمِيَةِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ تَكَارَى مِنْهُ إلَى مَوْضِعٍ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّهُ أَيْنَمَا يَبْلُغُ مِنْ الْأَرْضِ كُلِّهَا فَبِحِسَابِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، مَرَّةً يَذْهَبُ إلَى الْعِرَاقِ وَمَرَّةً إلَى الْغَرْبِ، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ مَوْضِعُ التَّقَدُّمِ مَعْلُومًا مُسَمًّى أَوْ أَمْرًا لَهُ وَجْهٌ يُعْرَفُ قَدْرُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ ابْنُ الْمَوَّازِ، ثُمَّ لَا يَنْقُدُهُ إلَّا كِرَاءَ الْغَايَةِ الْأُولَى، فَإِنْ نَقَدَهُ الْكِرَاءَيْنِ دَخَلَهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً فِي طَلَبِ ضَالَّةٍ أَوْ آبِقٍ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَمِّيَ مَوْضِعًا، فَإِنْ سَمَّاهُ وَقَالَ إنْ وَجَدْت حَاجَتِي دُونَ ذَلِكَ رَجَعْت وَكَانَ عَلَيَّ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ.
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِهِ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ هُوَ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اكْتِرَاءِ الدَّارِ سَنَةً، عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ قَبْلَهَا حَاسَبَهُ بِمَا سَكَنَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي إجَارَةِ الرَّجُلِ شَهْرًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ ثَوْبًا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مَتَى شَاءَ تَرَكَ أَنَّهُ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَنْقُدْ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِخِيَارِ فَضْلٍ، وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ، لِأَنَّهُ خِيَارٌ إلَى أَمَدٍ بَعِيدٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْجَمِيعِ الْآنَ، وَكُلَّمَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ شَيْءٌ كَانَ بِالْخِيَارِ فِيمَا بَقِيَ.