وَوَجَبَ بَيَانُ مَا يُغْرَسُ: كَعَدَدِهِ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ عِنْدَ أَهْلِهِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَمَلِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ بِمَانِعٍ حَدَثَ لَهُ أَوْ تَرَكَهُ لِغَيْبَتِهِ بَعْدَ عَقْدِهَا وَقَبْلَ عَمَلِهِ شَيْئًا أَوْ بَعْدَ غَرْسِهِ بَعْضًا فَأَقَامَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ غَرْسِهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ غَرَسَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ أَوْ أَقَامَ مَنْ تَوَلَّى مَا غَرَسَهُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ بِالسَّقْيِ وَالتَّنْقِيَةِ وَنَحْوِهِمَا، حَتَّى تَمَّ الْغَرْسُ، ثُمَّ قَامَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ أَوْ قَدِمَ وَأَرَادَ الدُّخُولَ فِي حَقِّهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا عَمِلَهُ غَيْرُهُ، هَذَا حَاصِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ عَارَضَهُ بِمَالِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا، وَخَرَجَ الْخِلَافُ هُنَا مِنْ تِلْكَ فَإِنْ تَرَكَ حَقَّهُ وَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَخْذَهُ بِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ لَمْ يَطْلُبْ الْأَوَّلُ حَقَّهُ وَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ وَطَلَبَ الَّذِي عَمِلَ عَنْهُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ مِنْهُ لِتَخْرُجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي لُزُومِ الْمُغَارَسَةِ بِالْعَقْدِ كَالْمُسَاقَاةِ، وَعَدَمِ لُزُومِهَا بِهِ كَالْجُعْلِ وَلَوْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ تَفُوتَ الْمُغَارَسَةُ فِي الْأَرْضِ فَغَارَسَ رَبُّهَا فِيهَا غَيْرَهُ كَانَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ عَمَلِ الثَّانِي، وَإِنْ تَرَكَ حَقَّهُ أَوَّلًا وَسَلَّمَ فِيهِ قَبْلَ عَمَلِ غَيْرِهِ ثُمَّ عَمِلَ غَيْرُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْأَوَّلُ الرُّجُوعَ فَلَا شَيْءَ لَهُ.

(وَوَجَبَ) شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْمُغَارَسَةِ (بَيَانُ) نَوْعِ (مَا) أَيْ الشَّجَرِ الَّذِي (يُغْرَسُ) بِالْأَرْضِ لِاخْتِلَافِ الْأَشْجَارِ فِي مُدَّةِ الْإِثْمَارِ وَخِدْمَتِهَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْبَيَانِ فَقَالَ (كَعَدَدِهِ) أَيْ مَا يُغْرَسُ فَيَجِبُ بَيَانُهُ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ صِلَتُهُ (يُعْرَفُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ يَكُونُ قَدْرَ مَا يُغْرَسُ فِيهَا مَعْرُوفًا (عِنْدَ أَهْلِهِ) أَيْ الْغَرْسَ بَعْضُ الْمُوثَقِينَ تُكْتَبُ فِي عَقْدِ الْمُغَارَسَةِ دَفَعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ أَرْضَهُ لِيَغْرِسَهَا كَذَا وَكَذَا شَجَرَةً مِنْ جِنْسِ كَذَا وَكَذَا مِنْ زَيْتُونٍ أَوْ رُمَّانٍ حُلْوٍ أَوْ حَامِضٍ أَوْ مُرٍّ. وَأَمَّا تَسْمِيَةُ عَدَدِ مَا يُغْرَسُ فَحَسَنٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُرْهَا جَازَ لِأَنَّ مَا يَبْقَى شَجَرُهُ وَأُخْرَى مَعْرُوفٌ. بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّمَا تَجُوزُ مُغَارَسَةُ الْأَنْوَاعِ إذَا كَانَ إطْعَامُهَا مُتَّفِقًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ مَثَلًا حَقًّا، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِالتَّبْكِيرِ وَالتَّأْخِيرِ فَلَا تَجُوزُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. الْبُرْزُلِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015