وَمُرَاضَاةٌ فَكَالْبَيْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَسْمِ مَنْ أَبَاهُ، وَيَنْفُذُ بَيْنَهُمْ إلَى أَنْ يَحْدُثَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْوِلَادَةِ مَا يُغَيِّرُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ. وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِمْ فِيمَنْ حُبِسَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَنَّ الْحَبْسَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَيْ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الظَّوَاهِرِ الْمَوْجُودَةِ فِي مَسَائِلِهِمْ. وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُقْسَمُ بِحَالٍ. وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْحَبْسَ مِمَّا لَا يُقْسَمُ وَلَا يُجَزَّأُ. وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُقْسَمُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ عَلَى قِسْمَتِهِ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمْ، وَقَدْ عَزَا ابْنُ سَهْلٍ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لِأَشْيَاخِ السُّيُورِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْقَسْمِ عَلَى ثَمَنِ الْمَنْفَعَةِ وَمَنْعُهُ عَلَى الرِّبْحِ الْمُحْبَسِ نَفْسِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) الثَّانِي (مُرَاضَاةٌ) بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ فِي قِسْمَةِ ذَاتِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ (فَ) هِيَ (كَالْبَيْعِ) فِي أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ شَيْءٌ اخْتَصَّ بِمِلْكِهِ وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ وَفِيمَا اخْتَلَفَ وَفِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ، وَأَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيهَا بِغَبْنٍ إنْ لَمْ يُدْخِلَا فِيهَا مُقَوَّمًا، وَأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى تَعْدِيلٍ وَلَا إلَى تَقْوِيمٍ، وَأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا. الْحَطّ هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ قِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ، وَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ قِسْمَةَ بَيْعٍ.
ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ أَخْذُ بَعْضِهِمْ بَعْضَ مَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَا يُعَدُّ لَهُ بِتَرَاضٍ مِلْكًا لِلْجَمِيعِ وَهُوَ قِسْمَانِ، قِسْمٌ بَعْدَ تَقْوِيمِ وَتَعْدِيلٍ وَهَذَا لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى مَنْ أَبَاهُ، وَيُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ الْأَجْنَاسِ وَالْأَصْنَافِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إلَّا مَا يُدَّخَرُ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ، وَيُقَامُ فِيهِ بِالْغَبْنِ إذَا ظَهَرَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ بَيْعٌ وَقَسْمٌ بِلَا تَقْوِيمٍ وَلَا تَعْدِيلٍ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي بِتَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ إلَّا فِي الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ وَهُوَ بَيْعٌ بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ فِي الْمُعِينِ وَغَيْرِهِ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالتَّنْبِيهَاتِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: شَبَّهَ الْمُرَاضَاةَ بِالْبَيْعِ مَعَ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا بَيْعٌ لِإِجَازَتِهِمْ الْفَضْلَ فِي قِسْمَةِ قَفِيزِ بُرٍّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِالتَّرَاضِي عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَهُ، فَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا مَحْضًا لَمْ تَجُزْ لِلرِّبَا.