وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَ مَأْمُونٍ قِيلَ لِلْمُكْتَرِي إنْ شِئْتَ أَنْ تَدْفَعَ إلَى الْمُسْتَحَقِّ كِرَاءَ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَتَسْكُنَ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت أَنْ تُجِيزَ الْكِرَاءَ عَلَى أَنْ لَا تَأْخُذَ إلَّا كِرَاءَ مَا سَكَنَ كُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أَخَذَتْ بِحِسَابِهِ، وَإِلَّا فَلَكَ الْفَسْخُ لِكِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ. ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي دَارٍ يَخَافُ عَلَيْهَا الْهَدْمَ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةَ الْبِنَاءِ فَلَهُ أَنْ يَنْتَقِدَ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُكْتَرِي مِنْ خَوْفِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِسُكْنَى الدَّارِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ.
الْعَدَوِيُّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ يَخَافُ الْمُكْتَرِي أَنْ يَسْتَحِقَّهُ آخَرُ فَيُضَيِّعَ عَلَيْهِ مَا افْتَقَدَهُ الْمُسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ أَوْ مَطْلِهِ فَلَا وَجْهَ لِبَحْثِ ابْنِ يُونُسَ.
(وَالْغَلَّةُ) النَّاشِئَةُ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفَتْحِ (لِ) حَائِزِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الشُّبْهَةِ) فِي حَوْزِهِ كَمُكْتَرٍ وَمُشْتَرٍ (أَوْ الْمَجْهُولِ) حَالُهُ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ أَغَاصِبٌ هُوَ أَوْ ذُو شُبْهَةٍ مُنْتَهِيًا اسْتِحْقَاقُهَا (لِلْحُكْمِ) بِالِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ تَكُونُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ لِلْمُسْتَحِقِّ. " ق " فِي الْحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلشَّيْءِ الَّذِي اغْتَلَّهُ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ وَضَاعَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ الَّذِي نَقَدَهُ فِيهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ بِضَمَانِهِ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبِيدًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُمْ زَمَانًا ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَدْرِ بِمَا كَانُوا لِأَبِيهِ فَاسْتَغَلَّهُمْ ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ، وَلَوْ وَهَبَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ رَجُلٌ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِأَبِيهِ غَصَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ مُسْتَحِقِّهَا أَوْ مِمَّنْ هَذَا الْمُسْتَحِقُّ وَارِثُهُ فَغَلَّةُ مَا مَضَى لِلْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ جَهِلَ أَمْرَ الْوَاهِبِ أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ لَا فَهُوَ عَلَى الشِّرَاءِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ.
الْحَطّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فِي ضَمَانِ مُسْتَحِقِّهِ، وَتَكُونُ غَلَّتُهُ لَهُ وَيَجِبُ التَّوْقِيفُ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا حَتَّى يُقْضَى بِهِ لَهُ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا لِلطَّالِبِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقِّ تَوْقِيفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفَ غَلَّتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرِّبَاعَ الَّتِي لَا تَحُولُ وَلَا تَزُولُ لَا تُوقَفُ مِثْلُ مَا يَحُولُ وَيَزُولُ، وَإِنَّمَا تُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهَا.