وَالْمُتَعَدِّي: جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُشْتَهِرَةِ بِذَلِكَ مِثْلِ صَاحِبَةِ جَرِيرٍ أَنَّهَا تُحَدُّ لِلزِّنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا تُصَدَّقُ بِتَعَلُّقِهَا وَفَضِيحَتِهَا نَفْسَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مُفْتَضِحَةً بِحَالِهَا، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي النَّظَرِ اهـ. .
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْغَاصِبِ عَقَّبَهُ الْكَلَامَ عَلَى الْمُتَعَدِّي لِتَنَاسُبِهِمَا فَقَالَ (وَ) الشَّخْصُ (الْمُتَعَدِّي) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ التَّعَدِّي الْمَازِرِيُّ هُوَ غَيْرُ الْغَصْبِ أَحْسَنُ مَا مُيِّزَ بِهِ عَنْهُ أَنَّ التَّعَدِّيَ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ الرَّقَبَةَ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ بَعْضِهِ دُونَ قَصْدٍ تَمَلُّكِهِ. قُلْت وَحَاصِلُ مَسَائِلِ التَّعَدِّي أَنَّهُ الِانْتِفَاعُ بِمَالِ الْغَيْرِ دُونَ حَقٍّ فِيهِ خَطَؤُهُ كَعَمْدِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا إذْنِ قَاضٍ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لِفَقْدِهِمَا، فَيَدْخُلُ تَعَدِّي الْمُقَارِضِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ وَالْأَجَانِبِ شَخْصٌ (جَانٍ) بِجِيمٍ وَنُونٍ مِنْ الْجِنَايَةِ (عَلَى بَعْضٍ) مِنْ شَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَلَمَّا لَمْ يَشْمَلْ هَذَا تَعَدِّيَ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ دَابَّةً الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَى أَوْ اسْتَعَارَ لَهَا لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهَا كُلِّهَا زَادَ لِإِدْخَالِهِ (غَالِبًا) إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ التَّعَدِّيَ عَلَى جَمِيعِ الشَّيْءِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَاسْتِعْمَالِ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَدِيعَةً. " غ " اخْتَصَرَ هُنَا قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهَا الْمُتَعَدِّي يُفَارِقُ الْغَاصِبَ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ جَنَى عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ وَالْغَاصِبَ أَخَذَهَا، كَكَسْرِ الصَّفْحَةِ وَتَحْرِيقِ الثَّوْبِ وَزَادَ غَالِبًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ لَا يَعُمُّ صُوَرَ التَّعَدِّي، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ وَالْمُسْتَعِيرَ إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ يَكُونُ حُكْمُهُمَا حُكْمَ الْمُتَعَدِّي لَا حُكْمَ الْغَاصِبِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ دَابَّةٌ أَوْ ثَوْبٌ فَاسْتَعْمَلَهَا فَهَذَا الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهَا لَا يَكْفِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ لَا يَعُمُّ صُوَرَ التَّعَدِّي بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ أَجْزَائِهَا مِلْكَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَأْخُوذَةً وَجِنَايَتُهُمَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ، وَلِذَا فُرِّقَ فِيهَا بَيْنَ هِبَةِ الْعَبْدِ وَبَيْنَ هِبَةِ خِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ وَرَقَبَتَهُ بَعْدَهُ لِآخَرَ فِي زَكَاةِ فِطْرِهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ. وَمُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي شَيْءٍ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ غَصَبَ السُّكْنَى فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا أُجْرَةَ