أَوْ خَصَاهُ فَلَمْ يَنْقُصْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ خَصَاهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ (فَلَمْ يَنْقُصْ) ثَمَنُهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ وَعَدَمُ نَقْصِهِ صَادِقٌ بِبَقَائِهِ بِحَالِهِ وَبِزِيَادَتِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ يَضْمَنُ نَقْصَهُ نَصَّ عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي الْجَوَاهِرِ، وَزَادَ وَيُعَاقَبُ " غ " بِهَذَا جَزَمَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَاَلَّذِي فِي رَسْمِ الْعَرِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ عَدَا عَلَى غُلَامٍ فَخَصَاهُ فَزَادَ فِي ثَمَنِهِ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ الْخِصَاءُ. ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ إذَا لَمْ يُرِدْ تَضْمِينَهُ وَاخْتَارَ حَبْسَهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُقَوَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِ الطَّوْلِ مِنْ الْأَعْرَابِ وَشِبْهِهِمْ الَّذِينَ لَا رَغْبَةَ لَهُمْ فِي الْخُصْيَانِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى عَبْدٍ دَنِيءٍ يُنْقِصُ مِنْ مِثْلِهِ الْخِصَاءُ، فَمَا نَقَصَ مِنْهُ كَانَ عَلَى الْجَانِي عَلَى هَذَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِنْ قِيمَتِهِ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يَقَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي قِيمَتِهِ، فَيَجْعَلَ ذَلِكَ نُقْصَانًا مِنْهَا يَكُونُ عَلَيْهِ غُرْمُهُ وَذَلِكَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ فِي النَّظَرِ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ إنْ خَصَاهُ فَقَطَعَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ وَإِنْ قَطَعَهُمَا جَمِيعًا فَقِيمَتُهُ مَرَّتَيْنِ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّ إذَا قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ دِيَتَانِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمُوضِحَةِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قِيمَةٌ بِحِسَابِ الْجُزْءِ مِنْ دِيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إذَا زَادَهُ الْخِصَاءُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَشِبْهِهِمَا مِمَّا لَا نُقْصَانَ فِيهِ بَعْدَ بُرْئِهِ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي هَذَا الْفَصْلِ حَسَنٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ هَذَا هُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، زَادَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَمَعَ هَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مَنْ خَصَى عَبْدًا فَنَقَصَهُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ كَجِرَاحِهِ، وَإِنْ زَادَ فِيهِ نَظَرٌ إلَى مَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْسَطِ صِنْفِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عُشْرًا كَانَ لَهُ عُشْرُ ثَمَنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ الْخِصَاءُ فِي ثَمَنِهِ الثُّلُثَ، فَعَلَى الْجَانِي ثُلُثَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ زَادَ فِيهِ مِثْلَ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ غَرِمَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ سَاعَدَهُ اللَّفْظُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يُنْقِصُ مِنْهُ الْخِصَاءُ الَّذِي زَادَ فِي قِيمَتِهِ كَمْ كَانَ يُنْقِصُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يُرْغَبْ