وَلِخَصْمِهِ اضْطِرَارُهُ إلَيْهِ

قَالَ وَإِنْ قَالَ أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ، فَإِقْرَارٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَادِي عَشَرَ: ابْنُ فَرْحُونٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ لِلْمُتَّهَمِ بِدَعْوَى الْبَاطِلِ وَلَا الْمُجَادَلَةُ عَنْهُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] . إنَّ النِّيَابَةَ عَنْ الْمُتَّهَمِ الْمُبْطِلِ فِي الْخُصُومَةِ لَا تَجُوزُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 106] ، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ يَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ أَنْ يَتَحَفَّظَ بِدَيْنِهِ وَلَا يَتَوَكَّلَ إلَّا فِي مَطْلَبٍ يَقْبَلُ فِيهِ يَقِينُهُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ فِيهِ عَلَى حَقٍّ فَقَدْ جَاءَ فِي جَامِعِ السُّنَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ضَادَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي أَمْرِهِ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي خُصُومَةٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا لَمْ يَزَلْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَنْزِعَ.

(وَلِخَصْمِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ بِالْكَسْرِ عَلَى خُصُومَةٍ (اضْطِرَارُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (إلَيْهِ) أَيْ جَعْلُ الْإِقْرَارِ لِوَكِيلِهِ عَلَيْهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ لَا أَقْبَلُ تَوْكِيلَهُ وَلَا أُخَاصِمُهُ حَتَّى تَجْعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ. الْمُتَيْطِيُّ قَوْلُنَا فِي النَّصِّ وَكَّلَهُ عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَعَلَى الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ وَالْإِنْكَارِ عَنْهُ هُوَ مِمَّا لَا يَتِمُّ التَّوْكِيلُ فِي الْخِصَامِ إلَّا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ كَانَ لِخَصْمِهِ أَنْ يَضْطَرَّهُ إلَى التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ، هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ.

ابْنُ الْعَطَّارِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ مِنْ حَقِّ الْخَصْمِ أَنْ لَا يُخَاصِمَ الْوَكِيلَ حَتَّى يَجْعَلَ مُوَكِّلُهُ لَهُ الْإِقْرَارَ.

(قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ (أَقَرَّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُثَقَّلًا فِعْلُ أَمْرٍ نِيَابَةً (عَنِّي بِأَلْفٍ) مَثَلًا (فَ) قَوْلُهُ لِوَكِيلِهِ أَقَرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ (إقْرَارٌ) مِنْ نَفْسِ الْمُوَكِّلِ بِالْأَلْفِ سَوَاءٌ أَقَرَّ وَكِيلُهُ عَنْهُ بِهِ أَوْ لَا. الْحَطّ هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَكَلَامُ الْمَازِرِيِّ لَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ، وَنَصُّهُ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَازِرِيُّ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ أَقَرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا مِنْ الْآمِرِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقَرَّ عَنِّي فَأَضَافَ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ مَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا وَجَعَلَهُ فِي الْإِقْرَارِ عَنْهُ كَنَفْسِهِ فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ يَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَلِكَ فِي أَقِرَّ عَنِّي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015