وَبَابٍ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ لِلرَّجُلِ مَنْعُ جَارِهِ الْحَدَّادِ مِنْ ضَرْبِ الْحَدِيدِ فِي دَارِهِ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ.
قُلْت وَقَالَ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى رَأَيْت لِابْنِ دَحُونٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْكَمَّادِ وَالطَّحَّانِ أَنَّهُمَا لَا يُمْنَعَانِ وَإِنْ كَانَ مُحْدَثًا يَضُرُّ بِأَسْمَاعِ الْجِيرَانِ، فَإِنْ أَضَرَّ بِالْبِنَاءِ مَنَعَ الْمُتَيْطِيُّ فِي ثَمَانِيَةٍ. أَبِي زَيْدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ سَأَلَتْ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْحَدَّادُ جَارُ الرَّجُلِ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا إلَّا حَائِطٌ يَضْرِبُ الْحَدِيدَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَيُؤْذِي جَارَهُ فَيَقُولُ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَنَامَ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ لَا، هَذَا رَجُلٌ يَعْمَلُ لِمَعَاشِهِ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الضَّرَرَ. ابْنُ عَتَّابٍ تَنَازَعَ شُيُوخُنَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِيمَنْ يَجْعَلُ بِدَارِهِ رَحًى وَشَبَهَهُ مِمَّا لَهُ دَوِيٌّ أَوْ صَوْتٌ يَضُرُّ بِهِ جَارَهُ كَالْحَدَّادِ وَشَبَهِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُمْنَعُ إذَا عَمِلَهُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَقَالَ طَائِفَةٌ لَا يُمْنَعُ. وَقَالَ أَصْبَغُ اتَّفَقَ شُيُوخُنَا عَلَى مَنْعِهِ اللَّيْلَ لِمَنْ أَضَرَّ بِجَارِهِ وَلَا يُمْنَعُ بِالنَّهَارِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنْ اجْتَمَعَ ضَرَرَانِ أُسْقِطَ الْأَكْثَرُ وَمُنِعَ الرَّجُلُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ. وَصَنْعَتُهُ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ التَّأَذِّي بِدَوِيِّ مَا يُمْنَعُ. ابْنُ عَتَّابٍ الَّذِي أَقُولُهُ وَأَتَقَلَّدُهُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ جَمِيعَ مَا يَضُرُّ الْجَارَ يَجِبُ قَطْعُهُ إلَّا رَفْعَ الْبِنَاءِ الْمَانِعِ مِنْ الرِّيحِ وَضَوْءَ الشَّمْسِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، فَلَا يُقْطَعُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ قَصْدَ مُحْدِثِهِ ضَرَرَ جَارِهِ، وَكَذَا كُلُّ ضَرَرٍ يَئُولُ لِلْفَسَادِ كَالْكَمَّادِ وَالنَّدَّافِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمَجَالِسِ قَضَى شُيُوخُ الْفُتْيَا بِطُلَيْطُلَةَ بِمَنْعِ الْكَمَّادِينَ إذَا اسْتَضَرَّ بِهِمْ الْجِيرَانُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فَفِي لَغْوِ إحْدَاثِ صَوْتِ الْحَرَكَةِ وَمَنْعِهِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا إنْ عَمِلَ نَهَارًا لَا لَيْلًا، وَرَابِعُهَا إنْ خَفَّ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ كَبِيرُ مَضَرَّةٍ.
(وَ) لَا يُمْنَعُ الْجَارُ مِنْ إحْدَاثِ (بَابٍ) لِدَارِهِ (بِسِكَّةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَشَدِّ الْكَافِ، أَيْ طَرِيقٍ (نَافِذَةٍ) أَيْ يَخْرُجُ مِنْهَا إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، ظَاهِرُهُ وَاسِعَةً كَانَتْ أَوْ ضَيِّقَةً وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ. وَمَفْهُومُ نَافِذَةٍ إنْ أَحْدَثَ بَابًا بِسِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لِجَارٍ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ قَابَلَ بَابَهُ لَا إنْ لَمْ يُقَابِلْهُ، وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا فِيهَا. وَأَمَّا فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ فَلَكَ أَنْ تَفْتَحَ مَا شِئْت أَوْ تُحَوِّلَ بَابَك حَيْثُ شِئْت مِنْهَا. اهـ. وَكَذَا فِي الْعُتْبِيَّةِ.