. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِنَاءُ الدَّارِ مَا بَيْنَ يَدَيْ بِنَائِهَا فَاضِلًا عَنْ مَمَرِّ الطَّرِيقِ الْمُعَدِّ لِلْمُرُورِ غَالِبًا كَانَ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا أَوْ غَيْرِهِ، وَكَانَ بَعْضٌ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ مَا بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِقَوْلِهَا وَإِنْ قَسَمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ طَائِفَةً، فَمَنْ صَارَتْ لَهُ الْأَجْنِحَةُ فِي حَظِّهِ فَهِيَ لَهُ وَلَا تُعَدُّ مِنْ الْفِنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ فِي هَوَاءِ الْأَفْنِيَةِ وَفِنَاءُ الدَّارِ لَهُمْ أَجْمَعِينَ الِانْتِفَاعُ بِهِ.
الْحَطّ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي تَفْسِيرِ الْفِنَاءِ إلَّا مَا أَخَذَ عَنْ نَصِّهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ فَقَالَ الْأَفْنِيَةُ دُونَ الدُّورِ كُلِّهَا مُقْبِلِهَا وَمُدْبِرِهَا.
الثَّانِي: مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَفْنِيَةُ الَّتِي فِي الطَّرِيقِ يُكْرِيهَا أَهْلُهَا أَذَلِكَ لَهُمْ وَهُوَ طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ أَمَّا كُلُّ فِنَاءٍ ضَيِّقٍ إذَا وُضِعَ فِيهِ شَيْءٌ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ فِي طَرِيقِهِمْ فَلَا أَرَى أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ الِانْتِقَاعِ بِهِ وَأَنْ يُمْنَعُوا وَأَمَّا كُلُّ فِنَاءٍ إنْ انْتَفَعَ بِهِ أَهْلُهُ فَلَا يُضَيِّقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مُرُورِهِمْ لِسَعَتِهِ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ إنَّ لِأَرْبَابِ الْأَفْنِيَةِ أَنْ يَكْرُوهَا مِمَّنْ يَصْنَعُ بِهَا مَا لَا يُضَيِّقُ بِهِ الطَّرِيقَ عَلَى الْمَارَّةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُكْرُوهَا لِأَنَّ مَا كَانَ لِلرَّجُلِ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَانَ لَهُ كِرَاؤُهُ، وَهَذَا مِمَّا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْكُلِّيَّةُ غَيْرُ مُسَلَّمَةٌ، لِأَنَّ بَعْضَ مَا لِلرَّجُلِ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ كِرَاؤُهُ كَجِلْدِ أُضْحِيَّةٍ وَبَيْتٍ وَمَدْرَسَةٍ لِطَالِبٍ وَنَحْوِهِمَا.
الثَّالِثُ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَمَّنْ لَهُ دَارَانِ بَيْنَهُمَا رَحْبَةٌ، وَأَهْلُ الطَّرِيقِ رُبَّمَا ارْتَفَقُوا بِهِ إذَا ضَاقَ الطَّرِيقُ عَنْ الْأَحْمَالِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَدَخَلُوهُ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِ نِجَافًا وَبَابًا حَتَّى تَكُونَ الرَّحْبَةُ فِنَاءً لَهُ. وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا بَابٌ وَلَا نِجَافٌ فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى الرَّحْبَةِ نِجَافًا وَلَا بَابًا لِيَخْتَصَّ بِمَنْفَعَتِهَا وَيَقْطَعُ حَقَّ النَّاسِ مِنْهَا فِي الِارْتِفَاقِ بِهَا لِأَنَّ الْأَفْنِيَةَ لَا تُحْجَرُ إنَّمَا