فَعِنَانٌ

وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ وَذِي طَيْرَةٍ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَ) الشَّرِكَةُ (عِنَانٌ) أَيْ تُسَمَّى بِهَذَا. ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ ضَبَطْنَاهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَفِي بَعْضِ كُتُبِ اللُّغَةِ فَتْحُهَا وَلَمْ أَرَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِفَتْحِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِكَسْرِهَا وَهِيَ جَائِزَةٌ وَلَازِمَةٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنْ شَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ لَزِمَ وَتُسَمَّى شَرِكَةَ الْعِنَانِ.

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِ شَرِيكِهِ فِي حَضْرَتِهِ وَمَعَ غَيْبَتِهِ، فَلَوْ شَرَطَا أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَمُوَافَقَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْنَى نَفْيِ الِاسْتِبْدَادِ لَزِمَ الشَّرْطُ، وَتُسَمَّى شَرِكَةَ عِنَانٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي تَسْمِيَتِهَا بِهَذَا الِاسْمِ حُصُولُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي نَوْعٍ مِنْ الْمَتْجَرِ أَوْ لَا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ الشَّرِكَةُ فِي نَوْعٍ مَخْصُوصٍ سَوَاءٌ شُرِطَ ذَلِكَ الشَّرْطُ أَمْ لَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ الشَّرِكَةُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ. وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهِ مِنْ مَاذَا هُوَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا شَرِكَةُ الْعِنَانِ فَلَا نَعْرِفُهَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ يَعْرِفُهَا، قِيلَ لَمْ يُعْرَفْ اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ بِبَلَدِهِمْ. قُلْت وَقَدْ عَلَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحُكْمَ عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يُفَسِّرْهَا.

(وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ) ذَكَرٍ (وَذِي طَيْرَةٍ) أُنْثَى (أَنْ يَتَّفِقَا) أَيْ ذُو الطَّيْرِ وَذُو الطَّيْرَةِ عَلَى جَمِيعِ الطَّيْرِ وَالطَّيْرَةِ (عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ) الْحَاصِلَةِ مِنْهُمَا، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَمَامِ لِتَعَاوُنِهِمَا فِي الْحَضْنِ. ابْنُ سَلْمُونٍ سُئِلَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشُّورَى عَنْ الرَّجُلِ يَجْعَلُ دِيكًا وَيَجْعَلُ الْآخَرُ دَجَاجَةً وَيَشْتَرِكَانِ فِي الْفَلَالِيسِ، فَقَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الدِّيكَ لَا يَحْضُنُ. قَالَ فَإِنْ جَعَلَ أَحَدُهُمَا حَمَامَةً أُنْثَى وَالْآخَرُ ذَكَرًا، قَالَ جَازَتْ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ الذَّكَرَ يَحْضُنُ كَالْأُنْثَى، فَفِي شَرِكَةِ الْعُتْبِيَّةِ سَحْنُونٌ أَخْبَرْنَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الرَّجُلِ يَأْتِي بِحَمَامَةٍ أُنْثَى وَيَأْتِي الْآخَرُ بِحَمَامَةٍ ذَكَرٍ، عَلَى أَنْ تَكُونَ الْفِرَاخُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْفِرَاخَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ جَمِيعًا عَلَى الْحَضَانَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015